افتراءات و أكاذيب الغرب تجاه المرأة المسلمة           

 المحرر : فاطمة داوود

    نحاول في هذا المقال رصد بعض الافتراءات التي توجه إلى المرأة المسلمة , نحاول طرحها على بساط المناقشة لنرى هل هذه الافتراءات حقيقية ؟ أم أنها أقوال ظالمة لا أساس لها من الصحة ؟

 وكل ما نطلبه منك أن تقرأ هذا المقال لتحدد أنت في النهاية الإجابة على هذا التساؤل.

 في البداية سنعطي تعريفا لمعنى الافتراءات وهي كل ما دخل أو تم إدخاله على مكانة المرأة المسلمة سواء في المنظور الإسلامي للمرأة في مجتمعات الدول العربية والإسلامية من تأثير البيئة أو الثقافة أو العادات والتقاليد المتوارثة والتي لا علاقة لها بالإسلام، وكذلك الافتراءات على المرأة المسلمة في المنظور الغربي للمرأة المسلمة في المجتمعات الغربية غير المسلمة سواء في وسائل الإعلام أو في كتابات المفكرين الغربيين وفي ذهن الغربيين عامة على مر العصور و من هذه الافتراءات :

  • الإسلام لا يعطي للمرأة المساواة مع الرجل بل يعتبر مكانة المرأة في الإسلام أدنى من مكانة الرجل.

  •   المرأة في الإسلام مضطهدة ولا تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل المسلم، وأن الإسلام يحرم المرأة المسلمة من حق العلم وحق العمل.

  •  الإسلام يعتبر المرأة قاصرا لذا فهو يعتبرها نصف رجل فلا تحصل إلا على نصف نصيب الرجل في الميراث وتعتبر شهادتها نصف شهادة الرجل.

  •   الإسلام يعطي للرجل المسلم حق شراء زوجته حيث يدفع لها مهرا أي ثمن حبسها في البيت وتحجيبها ثم ينفق عليها طوال مدة الزوجية فيصبح من حقه أن يحبسها ويضربها ثم يطلقها بلا أي سبب حين يشاء ويطردها من بيت الزوجية ويحرمها من حضانة أولادها.

  •  المرأة المسلمة ليس لها رأي في مسألة زواجها واختيار شريك حياتها وإن رجال أسرتها سواء أبيها أو أخيها أو عمها هم الذين يختارون لها زوجها ويفرضونه عليها.

  •  الإسلام لا يمنح المرأة حق الطلاق وإن الرجل هو الذي يقرر الطلاق بمفرده وحسب مزاجه وأن المرأة المسلمة لا تستطيع المطالبة بالطلاق.

  •  الإسلام حرم الجنة على النساء وجعل الجنة حكرا على الرجال المسلمين لأن الإسلام وعد الرجال المسلمين بالجنة وبالحور العين فيها وحرم الجنة على المرأة المسلمة.

 مقدمة
   تعتقد دول الغرب و الأمريكيين أن حقوق المرأة عندهم في أزهي صورها فقد حصلت المرأة عندهم على كامل حقوقها كإنسانه أسوة بالرجل و  أن الدول العربية والإسلامية لا تقوم بتطبيق حقوق الإنسان على المرأة المسلمة وأن هناك فرقا شاسعا بين المرأة والرجل في الإسلام بل أنهم ذهبوا إلى حد القول أن المرأة في الإسلام تساوي نصف رجل لأنها تحصل على نصف مقدار ميراث الرجل ولأن شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد .

 ووضعوا معايير لقياس مدى تقدم الدول ورقيها فأصبح احترام حقوق المرأة في أية دولة يعتبر معيارا لقياس تقدم ورقي هذه الدولة وكلما ازداد احترام الدولة للمرأة ولحقوقها ولمساواتها بالرجل في الدستور وأمام القانون وكلما ارتفعت نسبة تعليم المرأة ونسبة تواجدها في سوق العمل وفي البرلمان وفي الحكومة كلما ازداد احترام العالم لتلك الدولة وتم اعتبارها من الدول الراقية المتقدمة. و نستنتج مما سبق مدى ارتباط احترام حقوق الإنسان باحترام حقوق المرأة في أية دولة ولا يمكن القول بأن أية دولة تقوم بتطبيق حقوق الإنسان وبأنها دولة قانون طالما أن المرأة لا تحصل فيها على حقوقها في التعليم وفي العمل وعلى حقوقها السياسية وعلى حقوقها في المساواة مع الرجل فيما يتعلق بفرص العمل وبالمساواة في الترقي في السلم الوظيفي والاضطلاع بمسئوليات إدارية عليا وبمناصب حكومية ومقاعد في البرلمان وفي مجالس الحكم المحلي وفي مجال القضاء وسن القوانين واتخاذ القرار السياسي.

   ومما لاشك فيه أن الإسلام يعتبر أول الأديان السماوية التي اعترفت بالمرأة ك
إنسانا كامل الأهلية ومنحتها المساواة بالرجل في الكرامة الإنسانية وفي كونها خلقت مثله من نفس البوتقة البشرية "ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها..." (النساء، 1)، كما أكرم الله المرأة في الخطاب القرآني وفضلها على بقية المخلوقات مثلها مثل الرجل و بنفس الدرجة حيث جاء في الآية الكريمة "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقاهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا" (الإسراء، 70) وقد استخدم العلي القدير في هذه الآية الكريمة مصطلح بني آدم أي سلالة آدم كلها من الرجال و النساء أي الإنسان سواء أكان ذكرا أم أنثى ,
وهذا التكريم المشترك المتساوي للمرأة بالرجل لم تعرفه اليهودية ولا المسيحية. كذلك نود التأكيد على أن الإسلام منح المرأة حقوقا متساوية للرجل في أداء الشعائر الدينية ولم يحرم على المرأة دخول أماكن العبادة (المساجد) مثلما تحرم المرأة اليهودية من دخول السيناجوج (المعبد اليهودي) كذلك لم يحرم الإسلام على المرأة مسك المصحف الشريف وتلاوة القرآن (إلا إذا كانت المرأة في فترة الحيض أو النفاس)، مثلما حرمت اليهودية على المرأة الإمساك بالتوراة وتلاوتها في جميع الأوقات حيث تعتبر المرأة في اليهودية مدنسة ولا يحق لها أن تدخل المعبد أو تمسك التوراة حتى لا تدنسهما.

  إن المرأة هي نصف المجتمع ومستقبل المجتمعات الإسلامية في النهوض بمستوى المرأة ومحو أميتها وتنشئتها التنشئة الإسلامية السليمة ومنحها الحقوق التي كفلها لها الإسلام ولا ننس أبدا ما وصانا به الرسول الكريم " استوصوا بالنساء خيرا" و" خيركم خيركم لأهله " و"النساء شقائق الرجال".

الإسلام لا يعطي للمرأة المساواة مع الرجل بل يعتبر مكانة المرأة في الإسلام أدنى من مكانة الرجل

 ويبرر المستشرقون هذه الادعاء بأن الخطاب القرآني يقرر أن الرجل أفضل من المرأة ويستشهدون على ذلك بالآية الكريمة "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم..."(النساء، 34). ولكنهم نسوا أو تناسوا أن القوامة لا تعني السيادة ولا الأفضلية ولا السيطرة ولا الهيمنة على المرأة ولكن تعني درجة أعلى في القيادة وليس معنى القوامة الانفراد بالرأي والسيطرة وإلا لما أقر الإسلام مبدأ الشورى وحث عليه في جميع أمور الحياة بما في ذلك أمور إدارة الأسرة التي يشترك في إدارتها الزوج والزوجة حسبما جاء في الحديث الشريف "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته...". فالقوامة إذن معناها أن لكل من الرجل والمرأة درجة في سلم القيادة ودرجة الرجل هي أعلى درجة في السلم لأنه مثل ربان السفينة هو الذي يقودها ويوجهها ولا يمكن أن يكون لأية سفينة منذ قديم الأجل وحتى زماننا هذا قائدان في نفس الوقت وإلا غرقت السفينة.

المرأة في الإسلام مضطهدة ولا تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل المسلم، وان الإسلام يحرم المرأة المسلمة من حق العلم وحق العمل

 وهذا الافتراء مردود عليه بأن الإسلام أقر حق المرأة في التعليم والعمل خارج البيت فقد حث الرسول الكريم المسلمين على طلب العلم "طلب العلم فريضة على كل مسلمّ." وكلمة مسلم هنا اسم جنس أي أنها تشمل الرجل والمرأة والأطفال. وينقل لنا التاريخ الإسلامي أن كثير من كبار العلماء والفقهاء تلقوا العلم على يد النساء وتنقل لنا كتب السيرة أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت مرجعا من أهم مراجع السيرة النبوية الشريفة وكانت فقيهة تراجع الرواة والقراء والفقهاء، وقد كرمها الرسول (صلى الله عليه وسلم) بحديثه الشريف "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء". كما تنقل لنا كتب التاريخ الإسلامي أن حفصة بنت عمر بن الخطاب وزوج الرسول كانت خطيبة فصيحة وراوية للحديث وقد حافظت السيدة حفصة على الصحائف المكتوب عليها سور القرآن الكريم والتي كانت في حوزتها حتى سلمتها للخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه فتم نسخها في أول مصحف في التاريخ وتم توزيعه على الأمصار، ويرجع إليها فضل الحفاظ على تلك الصحائف فلولا قوة إيمانها واحترامها وتقديرها للعلم ولقيمة هذه الأوراق لما حافظت عليها بكل هذه العناية.

كما أن الإسلام لم يمنع الإسلام المرأة من ممارسة العمل خارج بيتها فهذه أسماء بنت أبي بكر تباشر العمل في أرض زوجها الزبير بن العوام وتقول: "فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء... وكنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ.. فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال". وهذه الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس اشتغلت بتعليم القراءة والكتابة وكانت معلمة حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين وتميزت بالحكمة ورجاحة العقل حتى أن الخليفة عمر بن الخطاب ولاها ولاية الحسبة أي وزارة التجارة والأسواق، والأوزان والمعاملات، فكانت تراقب وتحاسب وتفصل بين التجار وأهل السوق من الرجال والنساء. وتعتبر الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس أول امرأة تتقلد منصب وزيرة في الأمة الإسلامية.


الإسلام يعتبر المرأة قاصرا لذا فهو يعتبرها نصف رجل فلا تحصل إلا على نصف نصيب الرجل في الميراث وتعتبر شهادتها نصف شهادة الرجل

 ونحن نرد عليهم بأنه طبقا للإسلام تأخذ المرأة نصيبها من الميراث تطبيقا لما جاء في الآية الكريمة" "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون" (النساء، 7) وهذه الآية الكريمة تكفل للمرأة نصيبها في الميراث دون أن تحدد كمية هذا الميراث أما الآية التالية فإنها تحدد كمية هذا النصيب في الميراث "للذكر مثل حظ الأنثيين" (الآية 11، النساء). ونصيب المرأة في الميراث من حقها وحدها ولها مطلق الحرية في إنفاقه أو عدم إنفاقه، فمن حقها أن تحتفظ به دون الإنفاق منه ويلزم الرجل سواء أكان زوجها أو أخوها أو ابنها بالإنفاق عليها. وفي كثير من حالات الميراث يكون نصيب المرأة في الميراث معادلا لنصيب الرجل بل أحيانا يفوق نصيب المرأة في الميراث نصيب الرجل. ومن أمثلة تعادل نصيب المرأة والرجل في الميراث حالة رجل يتوفى وليس له سوى ابنة وحيدة ويترك شقيق له من الأب ففي هذه الحالة يكون نصيب الابنة الوحيدة "نصف ما ترك" ويتبقى لشقيق الأب النصف الآخر، أي أن المرأة الابنة في هذه الحالة حصلت على ميراث مثل نصيب الرجل (عمها) فهي حصلت على نصف التركة وهو حصل على نصف التركة فهنا المرأة والرجل متساويان تماما في الميراث. كما أن هناك حالات تحصل فيها المرأة أحيانا على ضعف نصيب الرجل مثلا في حالة وفاة رجل له ابنة وحيدة وله شقيقان من الأب، ففي هذه الحالة تحصل الابنة على نصف التركة ويحصل كل واحد من أعمامها على ربع التركة وبذلك يكون نصيب المرأة في هذه الحالة ضعف نصيب الرجل في الميراث. وهناك أمثلة كثيرة ومتعددة فيجب تعريف ذلك والتأكيد على أن المقولة المنتشرة في الغرب بأن ميراث المرأة المسلمة نصف ميراث الرجل دائما إنما هي افتراء وبهتان على الإسلام.

أ
ما الافتراء الذي يدعي أن المرأة تعتبر نصف رجل لأن شهادتها نصف شهادة الرجل فمردود عليه بأن شهادة المرأة جاء ذكرها في آية واحدة فقط في القرآن الكريم وهي الآية الخاصة بكتابة وتدوين الديون المالية "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل أحداهما فتذكر أحداهما الأخرى". (سورة البقرة، 282). والحقيقة أن هذه الآية إنما تتحدث عن الإشهاد وليس عن الشهادة، وقد توصل كثير من الفقهاء إلى هذه الحقيقة وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم والإمام الأكبر الشيخ شلتوت الذي كتب يقول في تفسير هذه الآية: "إن قول الله سبحانه وتعالى فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ليس واردا في مقام الشهادة التي يقضي بها القاضي ويحكم، وإنما هو في مقام الإرشاد إلى طرق الاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين وقت التعامل". أما الشهادة في جميع مجالات الشهادة الأخرى مثل الشهادة في حالة الزنا أو في حالة اللعان أو في حالة الميراث فلم يذكر القرآن الكريم أبدا جنس الشهود . وقد خلص المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة إلى خلاصة مستنيرة في قضية شهادة المرأة في كتابه "التحرير الإسلامي للمرأة" حيث يقول :"..على أن المرأة كالرجل في هذه الشهادة على بلاغ الشريعة ورواية السنة النبوية فالمرأة كالرجل في رواية الحديث التي هي شهادة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -... فكيف تقبل الشهادة من المرأة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تقبل على واحد من الناس؟"


الإسلام يعطي للرجل المسلم حق شراء زوجته حيث يدفع لها مهرا أي ثمن حبسها في البيت وتحجيبها ثم ينفق عليها طوال مدة الزوجية فيصبح من حقه أن يحبسها ويضربها ثم يطلقها بلا أي سبب حين يشاء ويطردها من بيت الزوجية ويحرمها من حضانة أولادها

  والغربيون يصدقون هذا الافتراء بل نجدهم يرددون ذلك في بعض المؤتمرات الدولية. لذا يجب على المسلمين أن يقوموا بالرد على هذه الافتراءات والتأكيد على أن الإسلام أعفى المرأة من الإنفاق على الأسرة وجعل الرجل يتكفل بذلك فهو مسئول عن الإنفاق على نساء الأسرة وهو ملزم بذلك أمام القانون الوضعي في معظم الدول الإسلامية مهما كانت ثروة المرأة ومقدرتها المادية.

وهذا يقودنا إلى التأكيد على أن الإسلام منح المرأة استقلالية الذمة المالية وذلك قبل كل الحضارات والأديان الأخرى. فالديانة اليهودية مثلا تعتبر أن المرأة وكل ما تملكه ملكا لزوجها يتصرف هو في مالها بحرية وليس لها الحق في مراجعته. وكان هذا هو حال المرأة الغربية في أوروبا منذ القرون الوسطى وحتى نهاية القرن التاسع عشر، بينما المرأة المسلمة تمتعت بحق استقلالية الذمة المالية منذ ظهور الإسلام الذي كفل لها حق البيع والشراء وإبرام العقود دون أي تدخل من أي رجل سواء أكان أبا أو أخا أو زوجا أو ابنا.

أما الافتراء الأكثر انتشارا في الغرب فمفاده أن المرأة المسلمة محبوسة في بيتها وممنوعة من ممارسة حقوقها الاجتماعية وحقوقها السياسية فهذه الافتراءات ربما كانت مطبقة في بعض المجتمعات الإسلامية المنغلقة على نفسها ولكن ذلك يرجع إلى البيئة والى العادات والتقاليد العتيقة المتوارثة في تلك المجتمعات وليس منبعها الدين الإسلامي حيث أن الإسلام أقر حقوق المرأة الاجتماعية كما أقر حقوقها السياسية. لقد منح الإسلام المرأة حق المشاركة في الشئون الاجتماعية للمجتمع الإسلامي مثلما جاء في الآية الكريمة التي تؤكد على أن رأي المرأة لا يقل عن رأي الرجل وأنها تشترك معه في الأمر والنهي في المجتمع الإسلامي
"المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله..."(التوبة، الآية 71). وفي هذه الآية الكريمة تأكيد على أن المرأة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر تماما مثلما يفعل الرجل بين الناس جميعا رجال ونساء وليس فقط فيما يختص بأمور النساء والأطفال ولكن في كل الأمور المتعلقة بالدين والحياة والمجتمع والناس بدون أية تفرقة بينها وبين الرجل، ولذلك استخدم القرآن الكريم صيغة الجمع المؤمنون والمؤمنات ولم يستخدم صيغة المفرد الذكر والأنثى. وكل هذه المعالم لشخصية المرأة المسلمة يلخصها لنا الحديث النبوي الشريف "النساء شقائق الرجال"
والشقيق هو الأخ من الأب الذي يتساوى معك في جميع الحقوق.

أ
ما بالنسبة لما نطلق عليه حاليا مصطلح الحقوق السياسية أي حق المواطن في أية دولة في اختيار الحاكم والإدلاء بصوته لصالحه، فان الإسلام قد كفل تلك الحقوق للرجل وللمرأة على حد سواء. وهذا ما فعلته النساء عندما بايعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع الرجال تحت الشجرة. والمبايعة أو البيعة معناها اختيار الحاكم بالانتخاب والتصويت طبقا لمصطلحاتنا الحديثة، فكتب السيرة تنقل لنا أن النساء المسلمات اشتركن في بيعتي العقبة الأولى والعقبة الثانية طبقا لما ذكرته الصحابية الجليلة أميمة بنت رقيقة حيث قالت "جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نسوة نبايعه فقال لنا: فيما استطعتن وأطقتن". وهذه المشاركة النسائية في البيعة للرسول الكريم تعتبر إقرارا لحقوق المرأة السياسية طبقا لمصطلحاتنا اليوم إذ أن بيعة العقبة تعتبر عقد تأسيس الدولة الإسلامية الأولى في يثرب.

المرأة المسلمة ليس لها رأي في مسألة زواجها واختيار شريك حياتها وان رجال أسرتها سواء أبيها أو أخيها أو عمها هم الذين يختارون لها زوجها ويفرضونه عليها

 وتلك مقولة ظالمة الإسلام برئ منها وإن كانت بعض المجتمعات القبلية لا تزال أسيرة لمثل هذه التقاليد البالية التي لا تمت للإسلام بصلة حيث أن الإسلام منح المرأة حق اختيار زوجها ويكون عقد الزواج باطلا بدون موافقتها. فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، والبكر حتى تستأذن"، فقالت السيدة عائشة "يا رسول الله، البكر تستحي، قال:" رضاها صمتها". وروى البخاري عن امرأة تدعى خنساء بنت خدام الأنصارية زوجها أبوها من رجل بدون رضاها، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكت إليه أمرها، فرد نكاحه. وعن عبد الله بن عباس قال " جاءت فتاة بكر إلى رسول الله فشكت أن أباها زوجها من رجل وهي كارهة له فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قبوله أو رفضه.

ونضيف إلى ذلك حق احتفاظ المرأة المسلمة باسمها الذي كفله الإسلام لها فهي تحتفظ باسمها واسم أبيها وعائلتها ولا ينمحي اسمها بالزواج من رجل حتى وان كان هذا الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فالتاريخ الإسلامي يذكر لنا النساء بأسمائهن وليس بأسماء أزواجهن هذه خديجة بنت خويلد وهذه عائشة بنت أبي بكر وهذه حفصة بن عمر ابن الخطاب لم يذكرهن أحد أبدا باسم زوجهن الرسول الكريم لم يذكرهن أحد أبدا باسم حرم محمد بن عبد الله. والاحتفاظ بالاسم إنما هو أكبر دليل على مساواة الإسلام للمرأة بالرجل فهي كائن مستقل مثلها مثل الرجل وليس مثل المرأة الأوروبية والأمريكية التي كانت حتى سنوات قليلة تفقد هويتها بالزواج وينمحي اسمها واسم عائلتها وتأخذ اسم زوجها وعائلته.


الإسلام لا يمنح المرأة حق الطلاق وأن الرجل هو الذي يقرر الطلاق بمفرده وحسب مزاجه وأن المرأة المسلمة لا تستطيع المطالبة بالطلاق

 والحقيقة خلاف ذلك لأن المرأة المسلمة من حقها الطلاق والانفصال عن زوجها إذا رغبت في ذلك بسبب عدم استطاعته الإنجاب أو بسبب مرضه بمرض عضال لا شفاء منه أو بسبب عجزه الجنسي. فالإسلام يعطيها الحق في الطلاق مع الاحتفاظ بكل حقوقها المالية المترتبة عن الطلاق. وكذلك منح الإسلام المرأة حق الطلاق لعدم تلاءم الطباع أو لأي سبب آخر فالقرآن ينهي عن عدم طلاق الزوجة والاحتفاظ بها للإضرار بها خاصة إذا كانت ترغب الطلاق كما جاء في الآية الكريمة "... فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرار لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه..." (البقرة، 231). كذلك أقر الإسلام حق المرأة في الطلاق على أن تفدي نفسها وتقوم بتعويض الزوج عن خسارته المادية الناجمة عن طلاقها بناء على رغبتها طبقا للآية الكريمة إن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به..." (البقرة، 229). وهذا الطلاق بناء على رغبة الزوجة يسمى "الخلع "وهو موجود ومتعارف عليه منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثلما حدث مع الصحابية التي استشارت الرسول في طلب طلاقها من زوجها لأنها لا تطيقه أي لا تحبه رغم انه إنسان كريم وكان هذا الزوج قد منحها حديقة كمهر وصداق فاشترط عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقابل حصولها على الطلاق أن ترد عليه حديقته ففعلت فطلقها زوجها.

الإسلام حرم الجنة على النساء وجعل الجنة حكرا على الرجال المسلمين لأن الإسلام وعد الرجال المسلمين بالجنة وبالحور العين فيها وحرم الجنة على المرأة المسلمة

ولم يكتف الأوروبيون بالافتراء على المرأة المسلمة في حياتها بل افتروا عليها أيضا بعد وفاتها وانتقالها إلى السماء ، وهذا الافتراء والادعاء الكاذب مرفوض ومردود عليه بالآية الكريمة التي ذكرناها عن أجر الأعمال الصالحة كما هناك أكثر من آية قرآنية تؤكد على دخول المؤمنات الجنة مثل المؤمنين تماما مثل الآية التالية "وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم" (التوبة، 72).

إذ
ن علينا أن نؤكد للغرب أن كثير من الشوائب التي تشوه صورة المرأة المسلمة ليست لها علاقة بالإسلام لأن الإسلام جعل للمرأة مكانة رفيعة لو تم تطبيق الدول الإسلامية لها مثلما كانت مطبقة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة المنورة لحسدتها المرأة الأوروبية على تلك المكانة . كذلك يجب تطوير الرؤية الإسلامية المستقبلية لوضع المرأة في الإسلام والارتقاء بشأن المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية. ومما لاشك فيه أن من أهم أسباب تدحرج معظم الدول الإسلامية من دول نامية إلى دول أقل نموا حسب تقييم البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي ومن أسباب انخفاض معدلات النمو وارتفاع انتشار نسبة الأمية والجهل والفقر والتراجع في ميادين العلم والاختراعات والتكنولوجيا والإنتاج في كثير من الدول الإسلامية إنما يرجع إلى عدم احترام مبادئ حقوق الإنسان وعدم المساواة بين الرجل والمرأة مثلما جاء في النصوص الدينية الإسلامية الثابتة التي ذكرنا بعضها في هذا البحث. كما يرجع ذلك أيضا إلى التقاليد الزائفة التي ورثناها عن عهد الإمبراطورية العثمانية والتي ظلت راسخة حتى عهد قريب حيث حرمت المرأة من حقوقها الأساسية المنصوص عليها في القرآن الكريم وفي الأحاديث وفي السنة النبوية الشريفة.

إ
ن حرمان المرأة المسلمة من حقوقها لقرون طويلة باسم الإسلام بينما الإسلام برئ من ذلك تسبب في تراجع الأمة الإسلامية تراجعا مزريا مازلنا نعيش آثاره المدمرة في بعض مجتمعاتنا الإسلامية. فقد كانت المرأة المسلمة حتى بداية القرن العشرين تعيش في ظلمات الجهل والانحصار بين جدران البيت فلم تكن تخرج منها إلا ثلاث مرات: من بطن أمها إلى العالم ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها ومن بيت زوجها إلى القبر وإنني أتحدى من يجد أساسا في النصوص الدينية الإسلامية الثابتة لهذا الجهل المقدح.

ونأمل أن تحصل المرأة المسلمة التي تعيش في الدول الأوروبية على كل حقوقها وتتم مساواتها بالمرأة الأوروبية في هذه الدول الأوروبية بدون تفرقة بحجة أن المرأة المسلمة الأوروبية ترتدي الحجاب وهذا يجعلها مثل المعاقين حسب رأيهم وهذا نوع من الافتراء. وعلى المرأة المسلمة التي تعيش في المجتمعات الغربية أن تدحض هذه الافتراءات وتثبت بتصرفاتها وحسن أخلاقها أن الإسلام منحها حقوقها كاملة ويجب عليها أن تهتم أكثر ما تهتم بتنشئة أولادها على الأسس الراسخة للدين الإسلامي.


عدد الزيارات : 314

Share

مقالات ذات صلة :
  • جهاد أم إرهاب؟؟؟؟؟!!!

  • دعوة للتعايش أم دعوة للتعادي؟؟؟

  • أقوال وأفعال و اعتقادات و ألفاظ و مفاهيم خطأ يجب تصحيحها

  • أمثال و كلام يخالف صحيح الإسلام

  • هل الغدر و الإرهاب إصلاح و جهاد؟؟؟

  • ادعاءات الغرب بالنسبة للحجاب الشرعي

  • المرأة بين إنصاف الإسلام و أكاذيب الغرب

  • الاسلام و تعدد الزوجات

  • الاسلام و الجنس

  • الإسلام و ختان الإناث

  • الإسلام و ضرب الزوجات

  • الرقص فن أم إثارة غرائز؟!

  • زواج الرسول الكريم بالسيدة زينب

  • معاملة أهل الكتاب و أهل الذمة

  • درء الشبهة في قصة سيدنا يوسف وامرأة العزيز

  • مساعدة الرجل لأهل بيته ... تنقص من رجولته ؟؟ أم تزيد من شانه؟؟؟

  • الإسلام دين تسامح وليس دين تعصب

  • كيف نتعامل مع القرآن ؟

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • Mazen     تصحيح مغالطة تاريخية عن زواج الرسول بـ عائشة

    النبي تزوج عائشة وعمرها 19عاماً وليس 9 أعوام قال كاتب سعودي ان ما يردده قضاة عن مسألة زواج النبي من عائشة وهي ابنة التاسعه من عمرها غير صحيح فالنبي تزوجها وهي ابنة الـ19 ربيعا. وفجر الكاتب السعودي جدلا واسع في اوساط المجتمع واروقة وزارة العدل عندما تناول قضية زواج الرسول عليه السلام من عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنها وهي الحجة التي كان ولازال القضاة في المملكة يتحجوا فيها بقضية تزويج الصغيرات بناء على أن الرسول تزوج عائشه وهي ابنة التسع اعوام. الكاتب السعودي صالح إبراهيم الطريقي اثار القضاة في عملية حسابية اظهر من خلالها العمر الفعلي لزواج الرسول صلى الله عليه وسلم من عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنها مخالفا ما تردد بكونها ابنة التسع سنوات فيما يؤكد الطريقي ان عمرها عند زواجها 19 عاما من خلال عملية حسابية تناولها في مقالة المنشور في صحيفة "عكاظ" . وقال الكثير يتحجج بأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج من عائشة رضي الله عنها وعمرها 9 سنوات، واوضح قائلا:حسنا دعونا نحسب الأمر بالتاريخ بين بنات أبي بكر رضي الله عنه؟ أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أكبر من عائشة رضي الله عنها بعشر سنوات، توفيت عام 73هـ عن عمر يناهز المائة عام، فيما عائشة توفيت عام 57هـ. لنفترض أن أسماء هي من توفيت عام 57هـ، هذا يعني أن عمرها سيكون 84 عاما، أي عائشة كان عمرها حين توفيت 74 عاما، ودخل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم عام 2 للهجرة، الآن لنحذف 55 عاما من عمر عائشة رضي الله عنها، سيكون عمرها عند دخوله عليها 19 عاما. وقال الطريقي متسألا :هل يعقل أن وزارة العدل إلى الآن لا تفكر بإصدار قرار يمنع زواج القاصرات؟ فالمستشار في وزارة العدل ومدير عام الإدارة العامة لمأذوني الأنكحة الشيخ محمد بن عبدالرحمن البابطين يؤكد أن الأمر مازال يدرس بين وزارتي العدل والصحة، ثم يكشف ، عن دراسة تجريها الوزارة لوضع قيود وشروط على زواج صغيرات السن. مشيرا الى ان هذا القرار قد يعني أن فكرة المنع غير واردة نهائيا، وأن كل ما في الأمر وضع شروط وقيود قبل أن يقوم مأذون الأنكحة بعقد قران تلك الطفلة على ثلاثيني أو ستيني أو ثمانيني. و أشار إلى أن هذه تواريخ مدونة في أغلب كتب التاريخ تتحدث فيها عن عمر أسماء وعائشة رضي الله عنهما، والأرقام تدحض مقولة إن سيد الخلق صاحب الرسالة الخالدة تزوج من عائشة وعمرها 9 سنوات. وقال ثمة دليل آخر يلغي فكرة زواجه من طفلة، فالرسول صلى الله عليه وسلم وفي ريعان شبابه ارتبط بأم المؤمنين خديجة رضى الله عنها، التي تكبره بخمسة عشر عاما، ولم يبحث عن فتاة شابة وصغيرة ليجدد فراشه كما يردد أولئك الذين يريدون شرعنة اغتصاب الأطفال. وكانت قضية تزويج الصغيرات قد اثيرت في السعودية منذ 3 اعوام واظهر الاعلام المحلي العديد من القضايا المعلقه في المحاكم السعودية جراء تزويج الفتيات الصغيرات لمسنين . وتبرز ظاهرة تزويج الفتيات في سن دون السادسه عشر في قرى وهجر المملكة الا ان هئية حقوق الانسان في السعودية باتت تتولى حملات ضد هذه الظاهرة واصفه تزويجهن بهذه السن بالاعتداء عليهن.

  • الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق