كلام رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق           

 المحرر : نوران رضوان

 

 

 حسن الكلام هو المفتاح لقلوب الناس ووسيلة للتواصل الناجح بهم

قال صلى الله عليه وسلم:(( الكلمة الطيبة صدقة )) لما لها من أثر في تأليف القلوب وتطييب النفوس ، واسمع إلى يحيى بن معاذ يقول : (( أحسن شئ كلام رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق )) وكم من كلمة سوء  نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها فرقت بين القلوب ومزقت الصفوف وزرعت الحقد والبغضاء والكراهية والشحناء في النفوس

من أساليب جذب الناس اختيار الأحاديث التي يحبونها ... وإثارتها ...

فإذا جلست مع أحد فأختر الأحاديث المناسبة له ..

وهذا من طبيعة البشر .. فالأحاديث التي تثيرها مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ..

ومع العالم تختلف عن الجاهل .. ومع الزوجة تختلف عن الأخت ..

و الاختلاف يعنى أسلوب عرض القصة وربما كيانها كله، وبالمثال يتضح المقال..

وقد كان النبي يراعي ذلك ..

فحديثه مع الشاب يختلف عن حديثه مع الشيخ .. أو المرأة.. أو الطفل..

 

وفي أحد الأيام يجلس إلى النبي  شاب اسمه جليبيب .. من خيار شباب الصحابة .. لكنه كان فقيراً معدماً ..

وكان في وجهه دمامة ..

جلس يوماً عند رسول الله  .. فما هي الأحاديث التي حرص النبي على إثارتها معه ؟ شاب في ريعان شبابه .. أعزب ..

أثار معه الرسول موضوع الزواج والحديث حوله .. فلطالما طرب الشباب لهذه المواضيع ..

ثم عرض عليه رسول الله التزويج ..

فقال : إذن تجدني كاسداً ..

فقال : غير أنك عند الله غال ..

فلم يزل النبى يتحين الفرص لتزويج جليبيب ..

حتى جاء رجل من الأنصار يوماً يعرض ابنته الثيب على رسول الله  .. ليتزوجها ..

فقال النبى : نعم يا فلان .. زوجني ابنتك ..

قال : نعم ونعمين .. يا رسول الله ..

فقال  : إني لست أريدها لنفسي ..

قال : فلمن ؟!

قال : لجليبيب ..

قال الرجل متفاجئاً : جليبيب !! جليبيب !! يا رسول الله !! حتى استأمر أمها ..

أتى الرجل زوجته فقال : إن رسول الله يخطب ابنتك ..

قالت : نعم .. ونعمين .. زوِّج رسول الله ..

قال : إنه ليس يريدها لنفسه ..

قالت : فلمن ؟

قال : يريدها لجليبيب ..

فتفاجأت المرأة أن تُزف ابنتها إلى رجل فقير دميم .. فقالت : حَلْقَى !! لجليبيب ..؟ لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً .. وقد منعناها فلاناً وفلاناً ..

فاغتم أبوها لذلك .. وقام ليأتي رسول الله  ..

فصاحت الفتاة من خدرها بأبويها : من خطبني إليكما ؟

قالا : رسول الله  ..

قالت : أتردان على رسول الله  أمره ؟ ادفعاني إلى رسول الله  .. فإنه لن يضيعني .. 

فكأنما جلَّت عنهما .. واطمأنّا ..

فذهب أبوها إلى النبي  فقال : يا رسول الله .. شأنك بها فزوِّجها جليبيباً ..

فزوجها النبي   جليبيباً ..

ودعا لها وقال : اللهم صب عليهما الخير صباً .. ولا تجعل عيشهما كداً كداً .

هكذا كان النبى يختار لكل أحد ما يناسبه من أحاديث حتى لا تمل مجالسه.

 

جلس صلى الله عليه و سلم يوماً مع زوجه عائشة.

قال لها بعاطفة الزوجية: إني لأعرف إن كانت راضية عني.. وإذا كنت غضبى.. !!

قالت : كيف ؟

قال: إذا كنت راضية قلت: لا ورب محمد. وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم .

فقالت : نعم .. والله يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك..

 

عندما تتعامل مع الناس .. قس الأمور بأهميتها عندهم .. لا عندك أنت ...

كأب له ولد متفوق .. من المناسب أن تسأله عنه .. لأنه بلا شك يفخر به ويحب أن يذكره دائماً..

أو رجل فتح دكاناً وكسب منه أرباحاً.. فمن المناسب أن تسأله عن دكانه وإقبال الناس عليه.. لأن هذا يفرحه .. وبالتالي يحبك ويحب مجالستك .

و ترى في القصة القادمة كيف كان يتفاعل رسول الله مع المسلمين

قبيل معركة الخندق عمل المسلمون في حفر الخندق حتى أحكموه.

وكان من بينهم رجل اسمه جعيل .. فغيره النبي إلى عمرو .

فكان الصحابة يشتغلون .. ويعملون ..

ويرددون قائلين :

سماه من بعد جعيل عمراً *** وكان للبائس يوماً ظهراً

فكانوا إذا قالوا : عمرواً .. قال معهم رسول الله r : عمرواً ..

وإذا قالوا : ظهراً .. قال لهم : ظهراً ..

فيتحمسون أكثر .. ويشعرون أنه معهم ..

والله لولا الله ما اهتدينا ..

ولما أقبل الليل عليهم اشتد البرد ..

واستمروا يحفرون ..

فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه  و سلم ..

فرآهم يحفرون بأيديهم راضين مستبشرين ..

 

فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا :

نحن الذين بايعوا محمداً *** على الجهاد ما بقينا أبدا

فقال مجيباً لهم :

اللهم إن العيش عيش الآخرة *** فاغفر للأنصار والمهاجرة

ويستمر تفاعله معهم .. طوال الأيام ..

فسمعهم وقد علاهم الغبار .. وهم يرددون :

والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الذين قد بغوا علينا ***  إذا أرادوا فتنة أبينا

فكان يرفع صوته متفاعلاً معهم قائلاً: أبينا .. أبينا .

إذن تفاعل مع الناس فإذا جاءك ولدك متزيناً بثوب جميل .. ما رأيك يا أبي ؟ .. تفاعل ..ابنتك .. زوجتك .. زوجك.. ولدك .. زميلك ..

المصادر:

·        كتاب استمتع بحياتك للأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن العريفى.

·        كتاب كيف تكسب حب الناس للأستاذ عبد الكريم الفريح.


عدد الزيارات : 761

Share

مقالات ذات صلة :
  • مقدمة

  • كيف ينشأ الاختلاف مع الأخر و كيفية التعامل مع هذه الفروق؟

  • لحظة انتحار

  • المحاور كالذي يصعد جبلا وعرا

  • الهدوء الجذاب

  • آسر القلوب

  • اجلدني و لكن برفق !!

  • أنا أصم أبكم,,فهل تقبلنى صديقا لك أو لابنك؟؟؟؟؟؟

  • الوصفة السحرية للسعادة الزوجية ( بين آدم وحواء )

  • حوار لي مع غربي

  • يا دبلة الخطوبة

  • دعها موصولة

  • مش عايز/ة اتجوز

  • كيف تختار شريك حياتك ؟

  • جوزني شكرا

  • أول مرة

  • 1000 مبروك

  • المزيد.......
    التعليقات :



    الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق