الإعلام والحرب النفسية           

 المحرر : ياسمين الدجوي

من الضروري أن يدرك الشباب مدى أهمية الإعلام بشتى صوره وتأثيره على الروح المعنوية للأمم ,وانه من الممكن أن يكون الإعلام فاسد مسموم يؤدى إلى فساد الأمة تدريجيا بإفساد عقول شبابها وبث روح الهزيمة والتراخي فيهم وأنه أيضا من الممكن أن يكون سببا في نهوض الأمة..
إذن فالإعلام سلاحا ذو حدين( وذلك باعتبار الإعلام أداة من أدوات الدعاية التي قد تكون بناءة أو مدمرة في نفس الوقت) فمنه ما هو مسلط علينا من قبل أعدائنا وهدفه الهاءنا وإبعادنا عن القضايا الأساسية وإفساد عقيدتنا ومعتقداتنا بل والأخطرمن ذلك زرع أفكار ومعتقدات من شأنها هزيمة الروح المعنوية لنا ولشبابنا,ومنه أيضا ما هو من شأنه رفعة الأمة والتوعية الصحيحة للشباب ولكل فئات المجتمع.


والآن هيا لنفرق بين النوعين حتى يصير الإعلام سلاح معنا وليس في يد أعدائنا مسلط علينا في كل وقت , وأن نكون دائما متيقظين لما يحاك حولنا من خطط ومؤامرات إعلاميه هدفها الأول هو هزيمتنا أمام أنفسنا حتى يسهل هزيمتنا بعد ذلك وهذا يتأتى من خلال الغزو الثقافي لنا من قبل وسائل إعلامهم......

على مر العصور يستخدم الإعلام في ما يسمى بالحرب النفسية وهى من أخطر أنواع الحروب حيث يدرك الجميع أهميتها .والحرب النفسية تأخذ صورة من صورتين ,إما أن تكون خطة هدفها إحداث التأثير على المدى الطويل وهى ما نتعرض له في حياتنا اليومية منذ زمن طويل كالقنوات الفاسدة والأفلام الماجنة وكتب التاريخ المغلوطة والتشكيك المستمر في الدين والعقيدة وغير ذلك كثيرا,وإما إن تكون خطه هدفها التأثير السريع ذات هدف محدود في وقت معين وتؤتى ثمارها في حينها , وهذا النوع الأخير هو مجال بحثنا اليوم والذي نوضح فيه بعض الأمثلة التاريخية الحقيقية حتى ندرك حقيقة أهمية الإعلام ودوره في هذه الحرب النفسية ومدى تأثيرها على همة الشعوب بالإيجاب أو السلب...

حرب أكتوبر 1973 م كانت ملحمة حقيقية برع فيها رجال المخابرات والعسكريين على حد سواء وان كان دور رجال المخابرات أعمق واكبر أثرا . ففي عام 1968 م وفى الوقت الذي كان فيه كلُُُُ ُ من الطرفين المصري والإسرائيلي مستمرفى الصراع والكل يستعد للحظة الحاسمة , اكتشف رجال المخابرات واحدا من أهم المصادر التي تنهل منها المخابرات الإسرائيلية المعلومات وهذا المصدر هو الشعب نفس . حيث تم تعيين جواسيس كتخصصه فقط في الإنصات إلى أحاديث الناس في كل مكان ,في العمل والبيت والشارع ووسائل المواصلات وحتى في السينما والمقاهي وأماكن اللهو والمرح ,فكل من يعرف حقيقة أويسمع أمرا ما يتباهى بالحديث عن معلوماته في كل مكان دون اهتمام أو حذر أو تقدير .
وقد استعان رجال المخابرات بالإعلام لمواجهة هذا التسرب الهائل في المعلومات الذي يفيد العدو إفاده بالغة . ففي البداية بدأ رجال المخابرات بطلب التوعية من رجال الدين من شيوخ وقساوسة لتوعية الناس إلى ضرورة التزام الصمت حتى لا يستفيد العدو من ألسنتنا . وبعد ذلك جاء دور الطوائف الأخرى التي تكسب ثقة واهتمام المواطنين مثل الأدباء والصحفيين ومؤلفي الأغاني ومعدي التمثيليات ومخرجي المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية .
وانطلق سيل من الروايات والكتب والمقالات والمسلسلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية يغمر وسائل الإعلام ويملأ أسماع وعيون وعقول الناس . والتف الناس حول أجهزه الراديو لمتابعة مسلسل (كلاب الحراسة) الذي كتبه (كمال إسماعيل) وكتب (محمود صبحي) في برنامج (عيله مرزوق أفندى) وكتب (رأفت الخياط) (البعثة 69) ويقدم (محمد كامل) (المصيدة) وقدم (فائق إسماعيل) مسلسلين هما(اللصان والجاسوس) و (لا أسمع لا أرى لا أتكلم) والكل يدعو إلى نفس الفكرة كلُ ُ بطريقته .
وفى نفس الوقت كان هناك العشرات من أصحاب الأقلام يقدمون المقالات في الصحف المختلفة مثل (حسين فهمي) و (أنيس منصور) و (عبد السلام داوود) و (صلاح هلال) وغيرهم
ونجحت الحملة أكثر وأكثر حتى إن جريدة (جيروساليم بوست) الإسرائيلية قد نشرت مقالا في عددها الصادر بتاريخ26/4/1972 تحذر من خطورة الحملة التي تقوم بها أجهزة الإعلام المصري لتوعية الشعب

وبالفعل نجحت الحملة الإعلامية المصرية نجاحا منقطع النظير وتأكد هذا تماما عندما كانت تحركات الجيش في أكتوبر 1973 م واضحة للجميع ولم تنفك ألسنةالشعب . وهكذا نرى التأثير الهائل للإعلام بشتى صوره من صحافة وإذاعة وتلفزيون وخطابة على الأفراد

مثال أخر يؤكد الدور الذي يمكن أن تلعبه الدعاية الموجهة من قبل وسائل الإعلام المختلفة لتحقيق ما يريده مستخدموها من أهداف ....
طوال فترة الحرب العالمية الثانية كان الألمان يستمعون إلى إذاعة ألمانية ناطقه بالعامية تنقل إليهم أخبار قادتهم وجبهتهم على نحو يوحى بأن فريقا من جنرالات الجيش المعارضين للنازية هم من يبثها من مكان مجهول من داخل ألمانيا وخاصة مع خطبها الساخنة التي تدعو لرفعة ألمانيا وتهاجم الحلفاء وقادتهم وزاد ارتباط الألمان بتلك الإذاعة المجهولة دون أن يخطر ببال احدهم حتى قادتهم أنفسهم أنها إذاعة بريطانية بحته أي من قبل أعدائهم يتم بثها من قلب لندن تحت إشراف ( ايان فليمنج) شخصيا وهو بريطاني الذي كان يدس السم في العسل يوميا ويتسلل إلى أعماق الروح المعنوية الألمانية وينسفها نسفا من خلال قصص ملفقة عن قاده الألمان وساستهم . وقد كان لهذه الإذاعة أكبر الأثر في هزيمة الروح المعنوية للألمان حتى انتهت الحرب باستسلام ألمانيا

أعزائى ...
هناك من الخطط الكثيرة التي تحاك حولنا عن طريق الإعلام بكل صوره المختلفة دون أن ندرى. فيجب علينا أن نعى جيدا كل ما نسمعه أو نراه أو نقرأه وأن نفرق بين ما هو من شأنه تنمية مهاراتنا ورفعتنا و توعيتنا , وبين ما هو موضوع فقط لهزيمتنا من الداخل أو إلهائنا عن قضايانا أو إفساد عقولنا. بهذا فقط…سوف نحبط مخططات أعدائنا ونواجه تحديات المستقبل


عدد الزيارات : 811

Share

مقالات ذات صلة :
  • من المسئول عن تلك الصورة؟

  • الصحافة الإلكترونية هل هي بديل للصحافة الورقية أم منافس لها ؟؟

  • الانترنت ما له و ما عليه

  • القـــــدوة

  • واقع الشباب و مشكلاته

  • الاحتباس الحراري والكوارث الناجمة عنه

  • إنها حقا .. تقاليع شباب !!

  • صراع الأجيال

  • يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وتَكْتُمُونَ الحَقَّ وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

  • هل تحب مصر؟؟؟

  • نافووووووووخى يا عالم

  • وداعا يا حمرة الخجل

  • الفتاة العريبة في الواقع الصعب

  • حاجة تكسف

  • معقوووووول .. ما حدث بخصوص مشروع مستشفيات التكامل الطبي!!!

  • بــليــــــــة

  • أبلة أنا عايز أطلع !!!!!!

  • العادة القاتلة في ليلة العمر

  • حبي لبلدي أكبر من ماتش كورة

  • هل هؤلاء هم عرب مصر وعرب الجزائر ؟؟؟

  • علينا ألا ننسى أننا أخوة

  • يا ما في الجراب يا حاوي

  • أنا بنوتة حلوة وروشة واستايل ... ممكن أتعرف؟؟

  • فاكرين كريم؟؟؟؟؟؟؟

  • أين الطريق؟

  • هل تقبل / ين الارتباط بإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة؟؟

  • التقليد الأعمى

  • احــــــــــــذر!!! الخطر قادم

  • مقال بلا عنوان

  • مسابقات النصب تقدم .. "إنت معانا كسبان كسبان"

  • إن بعض الظن إثم

  • التطفل بين الآفة والثقافة

  • هل فكرت في صورة جيلك عام 2100 ؟

  • أيهما تختار الباطن .......أم الظاهر؟

  • الله يرحم أيام زمان

  • مبادئ ثابتة في أوقات متغيرة

  • حاجة تخنق

  • هل تقبل أن ترأسك امرأة في العمل؟

  • يالا نتجوز............ياللا نتطلق!!

  • يا دنيا يا غرامي يا جنة الحرامي

  • همّ البنات اتجننوا ليه ؟؟؟؟؟

  • هي طويلة و هو قصير

  • لعبة الموت .. لاعبون وأدوار

  • تعليم الكتروني.. فأين مكان التربية الالكترونية؟!!

  • غرور أم كبرياء؟؟؟

  • أعطني معنى الحرية

  • أنا بنت زى كل البنات

  • قسوة الفراق

  • إن كان التحضر بهذه الصورة .. فأهلا بالتخلف

  • رحلة عبر الفيس بوك

  • هل من الممكن أن تحضر عرس حبيبك أو حبيبتك؟

  • الأخ بيقتل أخوه

  • رسالة عاجلة إلى شباب مصر لحل الأزمة

  • هل نحن مؤهلون لديمقراطية 2011 ؟

  • مصر بعد الثورة

  • الشعب يريد تطهير البلاد ....رسالة من منشور الحب

  • عالم مجنون مجنون

  • على الشاطئ الآخر

  • أي دور يلعبه المثقف العربي في مجتمعه؟

  • الحق في الحياة هو حلم وطار؟؟

  • الكلمة تقتل أحيانا كما تقتل الرصاصة

  • رجال للبيع

  • من الشعب اليابانى

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • احمد يوسف     نفسك ان لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل

    الوقت نعمة ثمينة للغاية لابد من الاستفادة به في كل لحظة و بالايجاب حتى نستطيع الوصول الى اعلى المراتب و اهم هذه الوسائل الاعلام الهادف و هو اكبر خطوة للامام
  • عبدالغني الشرقاوي     يريدون لك ان تظل نائماً

    السلام عليكم.. شكرا لكم انكم اتحتم لنا فرصه النقاش فهو يوسع الافاق. ـاكيدا لرأي سيادتكم و تدعيما للموضوع اود ان ابرز ان فهمنا للحياه كاختبار و تكريم هو ما يجعل صورتنا سيئه لان فهمنا لانفسنا و مهمتنا في هذه الحياه على هذا الكوكب هو مرجع تصرفانا الايجابيه و السلبيه...فمثلا من لا يعرف مهمته التى اختاره الله لها لن تتوقع منه ان يعتم بالحفاظ على تراثه او وطنه ..طالما هو لا يهتم الا بالحاجات الانسانيه الاساسيه و التى اعنلاها في مجتمعنا التليه البحته و الفراغ العقلي و عوده عبثيه الستينات الى العقول التى هي اغلبها متعلم تعليما جامعي... تجد مثلا ان التعليم الجامعي لن يغير من صوره شخص او مجتمع طالما هذا الشخص او ذاك المجتمع لا يعرف لم خلق اساسا و كيف يؤدي مهمته..ما بالك ان تطلب منه ان يهتم بالعلم و الايمان. أعتقد بأن صورتنا ستكون اجمل و أوضح و أكثر اسرا لعيون العالم لو اننا اصبحنا قوه اقتصاديه علميه عالميه واحده. بغض النظر عن اختلاف حضارات الكوكب و أديان ساكنيه, فإن من يفكر في شان الكوكب الان ليس العرب و المسلمون ككيان واحد.. هذه الصوره السيئه الحاليه نتجت عن شيئين من وجهه نظري..اولهما ان بعض افعالنا كانت للاسف سريعه عشوائيه...ثانيهما ان العلم كان بعيدا عنها. و رغم ان الدين يحث على اهميه العلم الا اننا نقوم بكل ما هو غير علمي.. والحل: ان نهتم بمزيج العلم و الايمان. ان يستقر الايمان في اعماقنا ليس بتزمت بل بتقبل للفهم و المناقشه..مع احترام الجميع...جميع من على الكوكب من بشر باديانهم و اجناسهم المتباينه..و من حشرات و اسماك و حيوانات...لهم هدف كما لنا هدف..في هذه الحياه شكرا لكم
  • محمد سليم     بل أحدى حديه أخطر وأخطر

    شكرا على تلك المقاله التي تبين خطر الأعلام وللأسف أعلامنا العربي هو الأخطر تأثيرا على شباب الأمة وشيوخها لأنه لايقدم حلول بل مشاكل بدون أن يقدم لها أي حل يذكر حتى أصاب كثيراً من الناس بالأحباط وأنا منذ وقت ليس بقصير أمتنعت عن مشاهدة تلك البرامج التي تصيب بالأكتئاب والتي أصبحت مثل ما يقدمه المخرج خالد يوسف من مشاكل وأباحيات وتركيز على السلبيات بدون تركيز على الحلول ولكم جزيل الشكر
  • محمد شمسان     شكرا

    شكرا للايضاح والشفافية والبيان
  • محمود     التعريف

    اتمني ان تعرف الحرب النفسيه والاعلام النفسي وتاثيراته علي نتائج الحرب

  • الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق