إذا أحببت الله أحَبكَ الله ... وإذا أحبك الله أدخلك في حفظه وكنفه ورعايته , يقول أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يقول " من عَادَى لي وليا فقد آذنته بالحرب , وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه, وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به , ويده التي يبطش بها , ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه"
يعنى إنت كسبان كسبان... يكفى أن الله وعد من يحبه بأنه يستجيب دعاءه ويعطيه من فضله ويحفظه من كيد أعدائه.
فهل هناك مكسب أفضل من ذلك؟!!
ولكن كيف أعرف أن الله تعالى يحبني؟
قس درجة حب الناس لك فإذا وجدت أن الناس يحبونك فاعلم أن هذا مؤشر على حب الله لك .. والدليل على هذا الكلام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم" إذا أحب الله فلانا نادى جبريل إني أحب فلاناً فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادى جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض"
والآن ننتقل إلى المحطة الثانية في رحلة الحب التي لا تقل أهمية عن المحطة الأولى وهى
محبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
نبدأها بهذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"
عليك يا حبيبي يا رسول الله أفضل الصلاة وأبها السلام ....كيف لا نحبك ولولا أن منّ الله علينا ببعثتك لكنا من أهل النار؟!. كيف لا نحبك وقد أحبك الحجر والشجر ؟! كيف لا نحبك وقد أحبك الجزع الذي كنت تخطب عليه حباً جعله يبكي لفراقك حينما صُنع لك المنبر؟!
أعتقد أننا أولى بحبه من هذا الجزع ,ومن حبه أن تصلى عليه كلما تسمع اسمه حتى ولو ذُكر أمامك في الدقيقة 100 مرة ,من حبه أن تكتب صلى الله عليه وسلم كاملة بعد اسمه ولا تستبدلها بلفظ (ص)
من حبه أن تقرأ سيرته وتعيها وتطبقها في حياتك , من حبه أن تجعله قدوتك في كل ما تقوم به.
إذا كنت ابن , أب , جد, زوج فسر على نهجه واتبعه.
إذا كنت عامل فاعلم أنه ما أسند إليه عمل إلا وأتمه على أكمل وجه ... كان يرفض الكسل ... كان يرفض أن يكون عالة على غيره .
اجعله قدوتك في أخذه بالأسباب على أتم وجه,اجعله قدوتك في احترامه للكبير وعطفه على الصغير , اجعله قدوتك في تعامله مع الناس بأدب وحسن خلق , اجعله قدوتك في صدقه وأمانته.
وهيا بنا نسرد بعض الأمثلة التي توضح حب الصحابة الشديد له صلى الله عليه وسلم وكيف أحبوه أكثر من أنفسهم...
فهذا هو زيد بن الدثنة أحد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم أسره المشركون وأخذوه إلى مكة وعندما حانت لحظة قتله سأله أبو سفيان بن حرب"أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟"
قال زيد " والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي"
يا الله مجرد شوكة لم يتحملها على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كذلك عندما عاد المسلمون منهزمين من غزوة أحد وقد أشيع في هذه الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل,,,,
وها هي امرأة تقف على مشارف المدينة المنورة كل همها أن تطمئن على حبيبها ويقابلها الرجال يقولون لها إن أباك قد قتل فترد عليهم قائلة وكيف حال رسول الله ؟ فتقول لها جماعة أخرى إن زوجك قد قتل, فترد وكيف رسول الله؟
فيقولون أخوك قتل, فتقول لهم رسول الله هو من أسأل عنه... وإذا بها ترى النور أمامها .. ترى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتهرول إليه مسرعة وقد اطمئن بالها وتقول " كل مصيبة بعدك جلل" أي هينة.
تأمل هذا الموقف أيضاً .. مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب أبو بكر لزيارته وما إن رأى حبيبه في فراشه مريضاً حتى مرض أبو بكر لمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعندما تحسنت صحة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب للاطمئنان على صديقه أبى بكر-رضي الله تعالى عنه -وبمجرد أن أحس الصديق بنوره صلى الله عليه وسلم يملأ المكان عرف أن الله عافى حبيبه فشُفي هو الأخر وأنشد قائلا
مرض الحبيب فزرته .... فمرضت من أسفي عليه
شُـفِيَ الحبيب فزارني .... فـشفيت مـن نظـري إليه
يقول عمرو بن العاص " وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه , وما كنت أطيق أن املأ عيني منه إجلالا له "
فصلاةً وسلاماً عليك حبيبي يا رسول الله .
واعلم عزيزي القارئ أنك إن أحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمت حبك له إلى واقع عملي إذاً فلك البشرى لأنك ستكون مع من أحببت .
فيـــــا لــها من منزلة عظيمة.
ننتقل الآن إلى المحطة الثالثة في رحلتنا هذه وهي ..
حب آل البيت والصحابة رضوان الله عليه والصالحين والعلماء والاقتداء بهم
ولنا هنا وقفة لأنه بين الحين والآخر تظهر بعض الأصوات والأقلام التي تحاول أن تنال من قدر هؤلاء الأخيار والذي يحزننا أن أصحاب هذه الأقاويل الباطلة من المسلمين , فيخرج كاتب يسب أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها وأخر يسب سيدنا عمر بن الخطاب وهم من هم ...ولو أنهم ذاقوا معنى حبهم ما آذوهم بسوء.
كذلك لم يسلم من أذى هؤلاء علماء الأمة ... للأسف الشديد مسألة احترام العلماء غائبة إلى حد كبير بيننا, فهناك من يخرج ليكفر العلماء السابقين ويسفه آراءهم تحت دعوة حرية الرأي.. حقاً الإسلام دعم حرية الرأي ولكنه في نفس الوقت دعا على احترام الآخرين وعدم التجريح فيهم.
وليعلم الجميع أن احترام العلماء وحب الصحابة من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو من حب الله تعالى.
وها نحن قد وصلنا إلى المحطة الرابعة والأخيرة في رحلتنا هذه ولكنها ليست المحطة الأخيرة في دنيا الحب المشروع لأنه لا ينتهي أبدا.
المحطة الأخيرة هي
الحب في الله
ما أجمل أن يكون لك أخ في الله تحبه ويحبك .. تعينه ويعينك على طاعة الله تعالى.
ومعنى الحب في الله هو الحب الخالص من أي منفعة دنيوية وهو أقوى لأن الحب المبني على منفعة يزول بالحصول عليها .
ولهذا النوع من الحب آثارا عظيمة في الدنيا والآخرة.
ففي الدنيا ستجد صديقك هذا الذي يحبك في الله واقفا بجانبك, يعطيك رأيه بصدق , يبعدك عن ما يصيبك بالضرر وأهم شئ أنه يأخذ بيدك إلى الله تعالى. لذلك عليك أن تبحث عن الحب في الله , الولد يبحث عن أخ له في الله , والبنت تبحث عن أخت لها في الله.
أما عن آثار الحب في الله في الآخرة نجد أن هذا الحب:
· سببا في أن يظلكما الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فالله تعالى ينادى يوم القيامة أين المتحابين في جلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أوَلا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"
· المتحابون في الله يكونون في مكانة عظيمة حيث يجعلهم الله على منابر من نور يوم القيامة.
ويدخل تحت هذا النوع حب جميع الناس قريبا كان أو غريبا وحتى تكون صادقا في حبك للناس لابد أن تحب لهم ما تحب لنفسك, وتكره لهم ما تكرهه لنفسك, ومن ثم فلا ضغائن ولا مكائد تجاه الآخرين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"فهذا الحديث يعلق كمال الإيمان على الحب ,,,
والحب في الإسلام لا يقتصر على حب البشر فقط وإنما يمتد ليشمل كل مخلوقات الله من كائنات سواء كانت نباتات أو حيوانات. لأنك إن أحببت بيئتك فلن تلوثها ولن تمس كائناتها بأذى.
فحتى البيئة تحتاج للحب وتحتاج للإنسان المحب.
وقبل أن نختم هذه الرحلة نريد أن نقول لكل من يقرأ هذا المقال وإلى كل مسلم مهتم بدينه إنا نحبكم في الله وندعو الله عز وجل أن يظلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله وإن يجمعنا في جنته وإن لم نجتمع في الدنيا.
في النهاية أذكركم بحديث الحب حيث اصطلح رواة الحديث على تسمية هذا الحديث بحديث الحب وهو..
عن معاذ بن جبل قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وقال "يا معاذ والله إني أحبك,والله إني أحبك فلا تدع في دبر كل صلاة قول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"
ونحن أيضا نحبك في الله فلا تدع القول السابق بعد كل صلاة.
والآن هل أيقنت أن الحب لا يقتصر على مجرد علاقة بين رجل وامرأة؟
الحب حقا شعور جميل يجب ألا تخلو حياتنا منه وبدلا من أن تحتفل بالحب يوما واحدا في السنة اجعل أيام السنة كلها حب وحياتك كلها حب في حب.
مع تحيات مجموعة باب الإسلام والحياة