النبوءة           

 المحرر : نوران رضوان

 

 

النبوءة هي إشارة لوقائع غيبية تكون علامات على الطريق في حياة وهذه النبوءة تكون وحيا من الله يتكلم عنها النبي في زمانه . وتكون هذه النبوءات بصورة مجمله للحوادث ولا تكون فيها تفاصيل دقيقة وفي حالة حدوثها تتضح هذه التفاصيل الدقيقة وتكون الفترات الزمنية لحدوثها قصيرة أو طويلة جدا . ولا يعلم وقت حدوث النبوءات إلا الله ولا مفر من حدوثها.

 وفي صفحة جديدة من صفحات التاريخ... كان هناك صفحة مختلفة سجل فيها التاريخ  حدوث النبوءة من آلاف السنين وكانت النبوءة هي نورٌ بعث للمشرق والمغرب، وكانت البداية دعوة لإبراهيم عليه السلام وبشرى لزوجته هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام ، ثم نبوءة لموسى وبشارة عيسى عليهما السلام و لنقرأ معا السطور التالية لنعلم ما هي الدعوة و ما هي البشرى و ما هي النبوءة ؟؟؟ ...

دعوة إبراهيم عليه السلام

"رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (سورة البقرة 129)

و لقد وعده الله في التوراة :

وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اِثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً." (تكوين17/18-21).

بشرى إسماعيل عليه السلام

و بشر الله هاجر و إسماعيل في التوراة :

"فسمع الله صوت الغلام... ونادي ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر... لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو... قومي احملي الغلام وشدي يدك به... لأني سأجعله أمة عظيمة" (التكوين21: 17-18).

نبوءة موسى عليه السلام

تعتبر بشارة نبي الله موسى عليه السلام عن قدوم نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم من أهم العلامات البارزة في هذا المضمار. وتبدأ هذه البشارة عندما ينزل موسى من جبل الطور بعد ما كلمه ربه فيقول مخاطباً بني إسرائيل: " قال لي الرب: قد أحسنوا في ما تكلموا، أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه، وأما النبي الذي يطغى فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى، فيموت ذلك النبي وإن قلت في قلبك: كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب؟ فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصِر، فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب، بل بطغيان تكلم به النبي، فلا تخف منه " ( التثنية 18 : 17 - 22 )

و كانت تلك البشارة شائعة بين اليهود، الذين كانوا يرتقبون نبيا مثل موسى و يبدو ذلك في شهادة يوحنا المعمدان

وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت... فاعترف ولم ينكر وأقرّ إني لست أنا المسيح.. فسألوه إذا ماذا.. ايليا أنت ...فقال لست أنا... النبي أنت...فأجاب لا.. فقالوا له من أنت لنعطي جوابا للذين أرسلونا.. ماذا تقول عن نفسك  (يوحنا 1: 19-24)

فكانوا في انتظار ثلاثة أنبياء مختلفين أولهم إلياس و ثانيهم المسيح و أخيرا نبي ذو شهرة عالمية فاكتفوا بكلمة النبي أنت... و كانت كافية بما يقصدون.

و يقول المسيح عليه السلام

" لكني أقول لكم الحق.. إنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي.. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم.. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية.. وعلى بر، وعلى دينونة.. أما على خطية.. فلأنهم لا يؤمنون بي.. وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً.. وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دِين.. إن لي أمورًا كثيرة أيضاً لأقول لكم.. ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن.. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق.. لأنه لا يتكلم من نفسه.. بل كل ما يسمع يتكلم به.. ويخبركم بأمور آتية.. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم". (يوحنا 16: 7- 11)

ثم تستمر البشارة والإرهاصات بقدوم ضياء البشرية ومنها:

رؤيا عبد المطلب

قال: بينما أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني ففزعت منها فزعا شديدا فأتيت كاهنة قريش فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير وأنا يومئذ سيد قـومي، فقالت: ما بال سيدنا قد أتانا متغير اللون هل رأيت من حدثان الدهر شيئا؟ فقلت: بلى، إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر كأن شجرة نبتت قد نال رأسها السماء وضربت بأغصانها المشـرق والمغرب ورأيت نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا ورأيت العرب والعجم ساجدين لها وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا ، ساعة تخفى وساعة تـزهر ورأيت رهطا من قريش قد تعلقوا بأغصانها ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخرهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها ولا أطيب منه ريحا فيكسر أضلعهم ويقلع أعينهم فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا فمنعني الشاب فقلت: لمن النصيب؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها وسبقوك إليها، فانتبهت مذعورا فزعا، فرأيت وجه الكاهنة قد تغير. ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب ويدين له الناس.

 

رؤيا آمنة بنت وهب زوجة عبد الله بن عبد المطلب

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك؟ قال: (دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام). رواه أحمد

إنه محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم دعوة إبراهيم و بشرى عيسى و رؤية آمنة... و تعالوا نرجع إلى الوراء قليلا لنعرف الحكاية منذ البداية... ونعلم أكثر عن جد الرسول عبد المطلب و أبوه عبد الله.

جد الرسول عبد المطلب وحكاية الكنز

كان عبد المطلب بن هاشم جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يسقي الحجيج الذين يأتون للطواف حول الكعبة، ويقوم على رعاية بيت الله الحرام فالتف الناس حوله، فكان زعيمهم وأشرفهم، وكان عبد المطلب يتمنى لو عرف مكان بئر زمزم ليحفرها؛ لأنها كانت قد ردمت بمرور السنين، ولم يَعُد أحد يعرف مكانها، فرأى في منامه ذات ليلة مكان بئر زمزم، فأخبر قومه بذلك ولكنهم لم يصدقوه، فبدأ عبد المطلب في حفر البئر هو وابنه الحارث، والناس يسخرون منهما، وبينما هما يحفران، تفجر الماء من تحت أقدامهما، والتف الناس حول البئر مسرورين، وظن عبد المطلب أنهم سيشكرونه، لكنه فوجئ بهم ينازعونه امتلاك البئر، فشعر بالظلم والضعف لأنه ليس له أبناء إلا الحارث، وهو لا يستطيع نصرته، فإذا به يرفع يديه إلى السماء، ويدعو الله أن يرزقه عشرة أبناء من الذكور، ونذر أن يذبح أحدهم تقربًا لله.


حكاية الأبناء العشرة

استجاب الله دعوة عبد المطلب، فرزقه عشرة أولاد، وشعر عبد المطلب بالفرحة فقد تحقق رجاؤه، ورزق بأولاد سيكونون له سندًا وعونًا، لكن فرحته لم تستمر طويلا؛ فقد تذكر النذر الذي قطعه على نفسه، فعليه أن يذبح واحدًا من أولاده، فكر عبد المطلب طويلا، ثم ترك الاختيار لله تعالى، فأجرى قرعة بين أولاده، فخرجت القرعة على عبد الله أصغر أولاده وأحبهم إلى قلبه، فأصبح عبد المطلب في حيرة؛ أيذبح ولده الحبيب أم يعصى الله ولا يفي بنذره؟

فاستشار قومه، فأشاروا عليه بأن يعيد القرعة، فأعادها مرارًا، لكن القدر كان يختار عبد الله في كل مرة، فازداد قلق عبد المطلب، فأشارت عليه كاهنة بأن يفتدي ولده بالإبل، فيجري القرعة بين عبد الله وعشرة من الإبل، ويظل يضاعف عددها، حتى تستقر القرعة على الإبل بدلا من ولده، فعمل عبد المطلب بنصيحة الكاهنة، واستمر في مضاعفة عدد الإبل حتى بلغت مائة بعير، وعندئذ وقعت القرعة عليها، فذبحها فداء لعبد الله، وفرحت مكة كلها بنجاة عبد الله، وذبح له والده مائة ناقة فداءً له، وازداد عبد المطلب حبًّا لولده، وغمره بعطفه
ورعايته.


أبو الرسول عبد الله وزواجه المبارك من السيدة آمنة

كان عبد الله أكرم شباب قريش أخلاقًا، وأجملهم منظرًا، وأراد والده عبد المطلب أن يزوجه، فاختار له زوجة صالحة، هي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أطهر نساء بني زهرة، وسيدة نسائهم، والسيدة آمنة تلتقي في نسبها مع عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، وتمر الأيام، ويخرج عبد الله في تجارة إلى الشام، بعد أن ترك زوجته آمنة حاملا ولحكمة يعلمها الله، مات عبد الله قبل أن يرى وليده.


حكاية الفيل

وذات يوم، استيقظ أهل مكة على خبر أصابهم بالفزع والرعب، فقد جاء ملك اليمن أبرهة الأشرم الحبشي بجيش كبير، يتقدمه فيل ضخم، يريد هدم الكعبة حتى يتحول الحجيج إلى كنيسته التي بناها في اليمن، وأنفق عليها
أموالا كثيرة، واقترب الجيش من بيت الله الحرام، وظهر الخوف والهلع على وجوه أهل مكة، والتف الناس حول عبد المطلب الذي قال لأبرهة بلسان الواثق من نصر الله تعالى: (للبيت رب يحميه).
فازداد أبرهة عنادًا، وأصرَّ على هدم الكعبة، فوجه الفيل الضخم نحوها، فلما اقترب منها أدار الفيل ظهره ولم يتحرك،، وأرسل الله طيورًا من السماء تحمل حجارة صغيرة، لكنها شديدة صلبة، ألقت بها فوق رءوس جنود أبرهة فقتلتهم وأهلكتهم. وفي هذا العام ولد الرسول صلى الله عليه وسلم.

و رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي فقد أبدع في هذه القصيدة التي مدح بها خير البرية صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده

 

ولد الهدى فالكائنات ضياء                  وفم الزمان تبسم وسناء

الروح والملأ الملائك حوله                  للدين والدنيا به بشراء

والعرش يزهو والحظيرة تزدهي           والمنتهى والسدرة العصماء

والوحي يقطر سلسلا من سلسل             واللوح والقلم البديع رواء

يا خير من جاء الوجود تحية                 من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا

بك بشر الله السماء فزينت                    و توضعت مسكا بك الغبراء

يوم يتيه على الزمان صباحه                 ومساؤه بمحمد وضاء

يوحي إليك الفوز في ظلمائه                    متتابعا تجلى به الظلماء

والآي تترى والخوارق جمة                   جبريل رواح بها غداء

دين يشيد آية في آية                             لبنائه السورات والأضواء

الحق فيه هو الأساس وكيف لا                والله جل جلاله البناء

بك يا ابن عبد الله قامت سمحة                بالحق من ملل الهدى غراء

بنيت على التوحيد وهو حقيقة                 نادى بها سقراط والقدماء

ومشى على وجه الزمان بنورها              كهان وادي النيل و العرفاء

الله فوق الخلق فيها وحده                      والناس تحت لوائها أكفاء

والدين يسر والخلافة بيعة                     و الأمر شورى والحقوق قضاء


قالت الدكتورة زيجرد هونكة الألمانية: " إن محمداً والإسلام شمس الله على الغرب". أما تولستوي الأديب العالمي فقال: "يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة".

و أخيرا أقول أن ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم تتجدد مع المسلم في كل أوقاته ونرتبط به كلما ذُكر اسمه في الأذان والإقامة والخطبة ، والشهادتين بعد الوضوء وفي الصلوات، وكلما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في صلواته ، ونرتبط به في الليل والنهار طوال عمرنا بما شرعه الله . قال الله تعالى : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ).

 

المصادر

كتاب محمد رسول الله للأستاذ مولاي محمد على

كتاب قصص من الكتب المقدسة للأستاذ عبد الحميد جودة السحار

 


عدد الزيارات : 267

Share

مقالات ذات صلة :
  • الحضارة عربية أم إسلامية ؟؟

  • الإسلام بين العلم و التاريخ

  • عظمة الإسلام في التعامل مع الآخرين

  • محكمة سمرقند

  • (مارييت) فى بيت المقدس

  • هيلانه و لويس

  • (ميسون) امرأة تبعث أمة

  • ليلة سقوط غرناطة (أسبانيا)

  • الرسالة

  • وراء كل صورة ......حكاية

  • مقدمة عن قيام دولة الأندلس

  • مثل الملوك على الأسرة

  • رجل وجبل

  • فجر جديد

  • بلاط الشهداء ... نهاية التوسع الإسلامى فى أوروبا

  • وا أندلساه

  • رد اللواء محمد زكي عكاشة على روايات أ/ هيكل ج1

  • رد اللواء محمد زكي عكاشة على روايات أ/ هيكل ج2

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • أنورعلى     رائع

    أسال الله أن لايرد لك دعوة ،ولايحرمك من فضلة ، ويحفظ أسرتك وأحبتك ،ويسعدك ، ويفرج همك ، وييسر أمرك ، ويغفر لك ولوالديك وذريتك ، وأن يبلغك أسمى مراتب الدنيا وأعلى منازل الجنة . اللهم آمين
  • مروان     شكرا

    شكرا لكى و بارك الله فيكى
  • noor.elmahdy     جزاك الله خيراً

    عرض متميز ، وتحليل وافٍ كافٍ زادك الله نوراً وتثبيتاً اللهم صلى على محمد وآله وسلم حبيب الرحمن
  • نوران رضوان     شكرا لكم

    جزى الله خيرا كل من رد على الموضوع و شكرا لكم

  • الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق