اقرأ ..... نعم أنا بقارئ           

 المحرر : أيمن عبد العظيم

 

الحمد لله الذي خلق الإنسان فأكرمه  ... وعلمه .... وفهمه ...  وفضله على جميع المخلوقات وجعله كائناً يرقى بالعقل والعلم .... وصلاة وسلام على أشرف الخلق النبي الأمي المُعلم وعلى آله وصحبه وسلم

لا شك أن القراءة هي المكون الرئيسي  للعقل السليم وهي حجر الزاوية لكل علم أو معرفة وهي تشكل مع الكتابة اللبِنات الأساسية والمهمة لبناء الحضارة

حتى أنى لا أتصور أي علم مفيد دون القراءة  ، ولأهمية القراءة في حياة المسلم جعلها الله سبحانه وتعالى أول ما نطق به الوحي على نبيه الكريم صلي الله عليه وسلم  ، وأول ما نزل به من قرآن يتلى إلى الآن آناء الليل وأطراف النهار .

 حيث قال جل شأنه  بسم الله الرحمن الرحيم "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق:1- 5)

كما حثت السنة النبوية المطهرة على طلب العلم وجعلته في مصاف الفرائض فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم  "طلب العلم فريضة على كل مسلم " رواه البيهقى

هذا الأمر الإلهي ،  والدستور الرباني ، والمنهاج النبوي الشريف ، ما هو إلا مفتاح قيام الأمة  ، وحلها الوحيد نحو تقدم أمثل ، وهو الدواء للسقم الذي ينال بجسد أمتنا العتيق

فلا سبيل لأي أمة أن تعود ، أو تقود ، أو تسود  ، إلا بالقراءة  .

وتاريخ أمتنا الإسلامية ذاخر بالأمثلة العطرة التي لها السبق في الاهتمام بالعلم والقراءة  . ومن مواقف السيرة  ما يدل على ذلك  ،  فقد كان الصحابي الذي  يستطيع القراءة  يتقدم على أصحابه  وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه يتقدم علي كثير من الصحابة وكان ملاصقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يتقن القراءة والكتابة

وامتد الاهتمام بالقراءة  إلى السلف الصالح من الصحابة والتابعين الذين أخذوا بأسباب العلم والتعليم فأضاءوا الدنيا نوراَ وعرفاناً وامتد فضلهم حتى وصل إلى أصقاع أوروبا فأناروا عصوراً من الجهل والظلمات داخل القارة العجوز.

نعم لقد كان لنا فضل على غيرنا في وقت تمسكنا فيه بالعلم والقراءة والإخلاص في التلقي حتى دانت لنا الدنيا ووصلت إلى أيدينا.

تأمل معي أخي الكريم حال رجال هذه الأمة فيما مضي فهذا مسلم صاحب الصحيح يتوفى وهو يطالع كتاباً  ، وهذا حال أبو الوفاء بن عقيل الإمام والعلامة وشيخ الحنابلة  الذي كان يقرأ وهو يمشي  وكان المؤرخ أحمد بن على بن ثابت الملقب بالخطيب البغدادي أيضا يقرأ وهو يمشي وهذا ابن الجوزي الذي قال (( قرأت في شبابي عشرين ألف مجلد )) أما الجاحظ الذي كان يبيت في دكاكين الكتب فقط ليقرأ وجِدَ مدفونا تحت كتبه ومؤلفاته

هؤلاء الرجال وغيرهم من الذين عرفوا قيمة القراءة والعلم  صعدوا وصعدت بهم الأمة إلى عنان السماء

لقد أخلصت هذه الأمة فـ خلصت وقرأت فـ رَقَت وعلمت فـ عَلَت وعملت فـ تعملقت

هذا حال من تمسك بدينه وبمنهجية القرآن الكريم  ، فما بال أقوام وأجيال تخلوا عن أمر ربهم  ، وسنة نبيهم ، ولم تعُد القراءة أو تحصيل العلم يشغل بالهم ، وسقطوا في فخ الأمية ومستنقع الجهل ،

 فأمة اقرأ ثقُل عليها المعرفة وأصبح الكتاب ديكوراً مكملاً لبعض قطع الأثاث المنزلية البالية  ، حتى أن فينا من لا يهمه أبداً تمدد عقله بقدر ما يهمه تمدد بطنه وجيبه

ومع تعاظم الأمية وتفشي الجهل تخلفت الأمة الإسلامية عن ركب التقدم ، بل وأصبحت فريسة يتربص بها المتربصون ، انفرط عقدها ، وتفككت ، وباتت ضعيفة ، هزيلة ، تشكو الوهن والمرض ، وانتشرت في أرجائها آفات الدجل والشعوذة والسحر ، كل هذا وأكثر والسبب معروف .

وكل يوم تطالعنا إحصائيات من هيئات رسمية ودولية عن تدنى حالة القراءة ، وقلة وهزالة الإصدارات الورقية في الوطن العربي ، كما تعكس تدهور العلاقة بين القارئ والكتاب ، وضآلة المعلومة ، في عصر يتميز بغزارة المعلومة وسهولة الحصول عليها

حتى إن بعض هذه الإحصائيات تقول أن الفرد العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق في السنة في حين يقرأ الفرد في المجتمع الغربي بمعدل 12 ألف دقيقة في السنة

أما متوسط إصدارات الوطن العربي من الكتب فلا تتعدى 1650 كتاباَ في السنة في الوقت الذي تصدر فيه أمريكا 85 ألف كتاب في السنة

قد تكون هناك مبالغة في هذه الأرقام ولكنها تحمل معاني ومدلولات كثيرة وخطيرة وتضعنا جميعاً أمام مشكلة كبيرة  ، هذه المشكلة سوف تزداد إذا لم نتحمل مسئوليتنا  ، فالأمر لا يتعلق بهواية المطالعة أو العلاقة النفسية مع الكتاب ، الأمر يتعلق بمستقبل لا مكان فيه لأمي أو جاهل ، مستقبل لا يعترف إلا بالعلم ولا يأتي إلا بالمعرفة .

فدعني أُذكر نفسي وأذكرك أخي الفاضل بأهمية القراءة ، ولنجعلها دعوة نعود بها إلى أمر رباني ونُحيي بها سنة مهجورة ، نخلص بها النية ، ونُزكى بها النفس

دعوة إلى العلم النافع ، الباقي ، فلا حيلة لإنسان في أن يتطلع إلى الخلود إلا بالقراءة !!

فدعونا نقرأ ثم نقرأ ...

نقرأ الماضي التليد ونستلهم روحه ومجده ونربطه بالحاضر ونقدمه فكراً ومنهجاً للمستقبل

وليكن شعارنا ...

اقرأ .... نعم أنا بقارئ


عدد الزيارات : 427

Share

مقالات ذات صلة :
  • مقدمة_الدين المعاملة

  • جدد نيتك

  • رســالة من الحيـاة

  • زهقان مضايق

  • قاوم نفسك

  • مواعيدك تمام ولا…!!!

  • وشاورهم في الأمر

  • الحياء خلق الإسلام

  • التكافل ضرورة شرعية

  • العدل أساس الملك

  • تهادوا ... تحابوا

  • اللى خلقك مش حينساك.....

  • دعوة للحب بس بشرط

  • رحلة حب

  • الرفق أساس الحياة

  • أحسن ظنك ...يطمئن قلبك

  • عقيدة الروح

  • غربة رسالة

  • دعوة للحياة فى ظلال القرآن

  • الحلم سيد الأخلاق

  • الرضا...جنة الدنيا

  • وما صبرك إلا بالله

  • أقـــــوال أعجبتني

  • مراجعات ذاتــــيـــــة

  • متعة العطاء

  • بين ظلمة اليأس ...ونور الأمل

  • المفتاح السحري

  • السفور رذيلة

  • لمن يبغى النجاح

  • اشمعنى أناااا؟؟؟؟

  • معاً على خطى الحبيب

  • ابدأ بنفسك

  • مناجاة القلوب

  • إنها قصة حبي

  • أيوة طبعاً حسنة و أنا سيدك

  • وأقبل الضيف..

  • متطوعة في التأمين الصحي

  • من الفائز؟

  • وبالوالدين إحسانا

  • شريك حياتي

  • خلاف أم اختلاف

  • تربية الأبناء

  • إنما الأعمال بالنيات

  • ثقافة الاختلاف

  • كن قدوة _ حوار طفل مع أسرته

  • هكذا يجب أن يكون دعاؤنا

  • وفى المنع حكمة

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • محمد سليم     ترحيب

    مرحبا بك أخي أيمن في موقعنا الحبيب حقيقة العرب وجزاك الله كل خيرا على تلك التذكرة الجميلة التي نسيناها أو تناسيناها وتحججنا بقلة الوقت وعدم وجود وقت فراغ والذي يبحث سيجد أن أغلب حياتنا هي فراغ فتلك دعوة جميلة لأمة أقرأ بأن تقرأ وتطبق ما تقرأ وتنتقي ما تقرأ
  • fadwa     القراءة غذاء العقل

    القراءة عشقي الوحيد فلا امل منها ابدااااااااااا

  • الاسم  
    البريد الالكتروني    
    العنوان   
    التعليق