بسم الله .. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد ...
الموضوع قد يطول وقد يقصر لكن من الضروري أن نتبادل الآراء حول هذه القضية التي لها آثار ظاهرة للعيان في مجتمعاتنا العربية والإسلامية
فقد قال الله تعالى : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا }
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية التي نصت على إباحة تعدد الزوجات: أي أنه إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها من النساء فإنهن كثير ولم يضيق الله عليه .
وقال الإمام النسفى في تفسيره : (( قيل : كانوا – في الجاهلية – لا يتحرجون من الزنا ، ويتحرجون من ولاية اليتامى ، فقيل لهم إن خفتم ظلم اليتامى فخافوا كذلك من الزنا فتزوجوا ما حل لكم من النساء ، ولا تحوموا حول المحرمات .. أو أنهم كانوا يتحرجون من الولاية في أموال اليتامى ، ولا يتحرجون من الاستكثار من النساء مع أن الظلم يقع بينهن إذا كثرن عن أربع ، فكأنما يقال لهم : إذا تحرجتم من ظلم اليتامى فتحرجوا أيضا من ظلم النساء الكثيرات ، فإن خفتم من عدم العدل بين الزوجات فالزموا واحدة أو الإماء [ الجواري ] بلا حصر حتى لا تظلموا أحدا ..
وأما معنى { خفتم } فهو : إذا غلب على الظن عدم القسط [ عدم العدل ] في اليتيمة فاعدلوا عنها [ اتركوها إلى غيرها ] .. وليس القيد هنا لازما ، بمعنى أنه حتى في حالة من لم يخف الظلم في اليتامى فله أن يتزوج أكثر من واحدة [ اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ] مثل من يخاف الظلم تماما فإباحة التعدد حكم عام لكل المسلمين بضوابطه .
أما معنى قوله تعالى : { ذلك أدنى ألا تعولوا } أي أقرب إلى ألا تظلموا ، وليس كما ذهب إليه البعض : (أدنى ألا تكثر عيالكم ) فقد نقل الطبري عن ابن عباس ومجاهد وابن عمير أن العول هو الجور [ الظلم ] ، والميل كما أن المعنى ليس كما قال آخر ذلك أدنى ألا تفتقروا ، فالمعنى لا يستقيم بذلك ، وإنما الصحيح هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن الهدف هو ألا تظلموا ولا تميلوا عن الحق .
عدم الزيادة على أربع
يستفاد من نص الآية الكريمة وأقوال المفسرين – رضي الله عنهم – أن الله تعالى أحل للمسلم من زوجة إلى أربع .. فلا تجوز الزيادة على أربع في وقت واحد ، فإذا خاف الزوج أن يظلم إذا تزوج أكثر من واحدة فإن عليه أن يكتفي بزوجة واحدة فقط .
وكذلك إذا خاف ألا يعدل إن تزوج ثلاثة فعليه الاكتفاء باثنين .. وإذا خاف زوج الثلاث الظلم إن تزوج بالرابعة فعليه الاقتصار على الثلاث فقط .
والشريعة الغراء تحظر حتى الزواج بواحدة فقط إذا خاف الزوج أن يظلمها .. فالإسلام العظيم حريص على العدل في كل الظروف و الأحوال .
وهناك إجماع بين العلماء على عدم جواز الجمع بين أكثر من أربع زوجات وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد جمع بين تسع زوجات ، فهذا حكم خاص به عليه السلام ، ولا يجوز القياس عليه أو تعميمه .
وسوف نورد فيما بعد أسباب اقترانه عليه السلام بكل زوجة وظروف كل زيجة ، لإزالة اللبس وسوء الفهم والرد على أكاذيب المستشرقين واليهود بهذا الصدد ..
قال الإمام الشافعي – رضي الله عنه – في مسنده : (( وقد دلت سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) المبينة عن الله تعالى أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة )) .. وذهب بعض الشيعة إلى جواز الجمع بين تسع نسوة لكل مسلم (مثنى +ثلاث +رباع فيكون المجموع تسعا)
وفى رأى أخر شاذ ، بل يجوز الجمع بين 18 زوجة ( على أساس مثنى تفيد 2+2 وثلاث تفيد 3+3 ، ورباع تفيد 4+4 فيكون المجموع 18 زوجة ) !!!
ولكن نصوص السنة القاطعة وعمل الصحابة والتابعين ، تفيد اقتصار المسلم على أربع فقط ، كما أجمع علماء أهل السنة من السلف والخلف على أنه لا يجوز لغير النبي (صلى الله عليه وسلم) الزيادة على أربع زوجات . وقد روي عن الإمام البخاري – رضي الله عنه – [ كما رواه مالك والنسائي والدار قطنى ] ، أن غيلان الثقفي قد أسلم وله عشر زوجات فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( اختر منهن أربعا وفارق سائرهن ) .وكذلك حديث أبى داود أن حارث بن قيس الأسدى قال : أسلمت وعندي ثمان نسوة ، فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : ( اختر منهن أربعا) . وقال ابن كثير موضحا معنى { مثنى وثلاث ورباع } : انكحوا من شئتم من النساء إن شاء أحدكم اثنين وإن شاء ثلاثا وإن شاء أربعا ، كما قال تعالى : { جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع } أي منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة أجنحة ، ومنهم من له أربعة أجنحة .. والمقام هنا كما يقول ابن عباس – رضي الله عنه – وجمهور العلماء وهو مقام امتنان وإباحة ، فلو كان يجوز للرجال الجمع بين أكثر من أربع زوجات لذكره تعالى .
ورد الإمام القرطبى على من زعم إباحة أكثر من أربع قائلا : (( قال هذا من بعد فهمه للكتاب والسنة ، وأعرض عما كان عليه سلف هذه الأمة ، وزعم أن (( الواو )) في الآية جامعة ، والذي صار إلى هذه الجهالة وقال هذه المقالة هم الرافضة وبعض أهل الظاهر . وذهب البعض إلى أقبح منها فقالوا بإباحة الجمع بين ثماني عشر زوجة ، وهذا كله جهل باللسان [ اللغة ] والسنة ، ومخالفة لإجماع الأمة ، إذ لم يُسمع عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع )) .
وبعد أن أورد الأحاديث التي أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) الصحابة المشار إليهم بإمساك أربع وتطليق ما زاد عليهن ، أكد القرطبى أن ما أبيح للرسول (صلى الله عليه وسلم) من الجمع بين تسع زوجات هو من خصوصياته (صلى الله عليه وسلم) ثم قال القرطبى : الله تعالى خاطب العرب بأفصح اللغات ، والعرب لا تدع أن تقول تسعة وتقول اثنين ثلاثة أربعا ، وكذلك تستقبح من يقول : أعط فلانا أربعة ستة ثمانية ولا يقول ثمانية عشر . وإنما الواو في الآية الكريمة { مثنى وثلاث ورباع } ، هي بدل انحكوا ثلاثا بدلا من مثنى ، ورباعا بدلا من ثلاث )) .. فإذا تزوج بخامسة يبطل العقد ، ويقام عليه الحد على اختلاف بين العلماء في ذلك .. وقيل ولماذا لم يستخدم الله تعالى لفظ ( أو ) في الآية ؟ ورد عليه القرطبى بأن ( أو ) لو استخدمت لجاز أن يمنع زوج الاثنين من اتخاذ ثالثة وزوج الثلاث من اتخاذ رابعة ، بينما هذا مباح له .
الإسلام والتعدد
الإسـلام لم يُنشئ التعـدد ، وإنما حَـدَّده .
ولم يأمر بالتعـدد على سبيل الوجـوب ، وإنما رخّص فيه وقيَّـدَه .
نعم . لقد جاء الإسلام والرجل يتزوج بما شـاء مِنْ النساء ، حتى أسلـم بعض أهل الجاهليـة وعنده عشر نسوة !! فحدد الإسلام العدد بأربع نسوة فقط .
ولما حدد الله التعدد بأربع لم يُوجبه على عباده بل أباحـه لهم بشروطه من العدل والاستطاعة .إذا لم يكتفِ الرجل بزوجة واحدة ، أو كانت زوجته عقيم لا تُنجب ، إلى غير ذلك ، فإن الشريعـة الإسلامية توجد له مخرجاً وتفتح لـه أفاقاً ، فَلَهُ أن يتزوّج أخرى تُناسبه دون أن يلجأ للوقوع في أعراض الآخرين ، وما يلي ذلك من غشّ للمجتمع ، واختلاط في الأنساب ، وما يعقب ذلك من حسرة الضمير ، وتأنيب النفس اللوامة .
أو يلجـأ للتخلّص من زوجته لتتاح لـه الفرصـة بالزواج بأخرى .. أيريدون أن تكون الحيـاة الزوجية جحيم لا يُطـاق؟ فيلجأ الأزواج حينئذٍ إلى قتل زوجاتهم غيلة ؟ وقد حدث هـذا في بلاد الحضارة المادية !!
[ في تقرير لمكتب البحث الفيدرالي الأمريكي عام 1979م قدّر أن (40% ) من النساء اللاتي يتعرضن للموت يقتلهن أزواجهن ! ]
فمن المعلوم أن النساء أكثر من الرجال وأن الحـروب والحوادث تطحـن الرجـال فتترمّل النسـاء
فمن للأرامل والمطلقات ؟ إن لم تكن قضية التعدد حـلاً من الحلـول ؟؟ ولذا لمـا توفِّيَ زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب جاء عمر يعرضها على أبي بكر وعثمان حتى تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري .
وهذا باب واسع للمواساة في الإسلام ، وحكمة بالغة في مشروعية التعدد .أليست المرأة يسوؤهـا أن تبقى مطلقـة ؟ ويَشُقّ عليها أن تظل أرملة ؟ ويعييها أن تطول أيمتها ؟
ولكنها عاطفة المرأة التي تسبق عقلها في كثير من الأحيان ، والإنصاف عزيز !
فما دام الأمـر كـذلك إذا تأيّمـت أو ترمّلت أو طُلّقت فلمـاذا لا ترضى بالتعدد كحلٍّ لمشكلة اجتماعية قد تقع هي فيها يوماً من الأيام ؟ وقد تكون ضحيّتها هي فليس أحد من البشـر مخلـّد .
وقد قيل لِخَيْرِهـم : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) [الأنبياء:34] .
إذاً لتفترض المـرأة أن زوجها مات أو قُتل أو أنها طُلّقت .. فكيف يكون مصيرهـا ؟ أترضى أن تكـون قعيدة بيتها ؟ أم يكون عرضها عرضة لكلّ لائك ؟ عندها تصيح - وقد لا تُسمع - المجتمع ظالم ظالم ظَلَمَ المُطلّقة ، ما ذَنْبُها ؟ ألا ترحمون !
ونسبة النساء أعلى من نسبة الرجال ، وسوف يأتي زمان يُصبح الرجل الواحد في مقابل خمسين امرأة .
وقـد ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أنه قال : ألا أحدثكـم حـديثا سمعته مـن رسـول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه ؟ : إن من أشراط الساعـة أن يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو الزنا ويُشرب الخمـر ، ويذهب الرجال ، وتبقى النسـاء حتى يكون لخمسين امـرأة قيّم واحـد . رواه البخاري ومسلم . وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قِلّةِ الرجال وكثرة النساء . متفق عليه .
إذاً هـذه نتيجـة حتمية للحروب وكثرة القتل التي أخبر عنهـا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، والتي عبّر عنهـا بالهـَرْج ، حتى لا يدري القـاتل فيما قَتَل ، ولا المقتول فيما قُتِل !
جاء ذلك في صحيح مسلـم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول فيـم قُتِل ، فقيل : كيـف يكـون ذلك ؟ قـال : الهـرج . القـاتل والمقتول في النار .
وقد حدث ما يُشبه هذا قبل أكثر من ثلاثمـائة سنة !فقد نقص عـدد رجـال الألمـان بعد حرب الثلاثين سنة كثيراً ، فقـرّر مجلس حكومـة ( فرانكونيـا ) إجـازةَ أن يتزوّج الرجل بامرأتين !!
[ إنه لم يَقُـم الدليل حتى الآن بأي طريقـة مُطْلَقَـة على أن تعـدد الزوجـات هو بالضـرورة شرّ اجتماعي وعقبـة في طريق التّقـدّم … وفي استطاعتنا أيضا أن نُصـرّ على أنـه في بعض مراحـل التّطـور الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها – كأن يُقتل عـدد من الذكور ضخم إلى حـدّ استثنائي في الحـرب مثلاً – يُصبح تعـدد الزوجـات ضــرورة اجتماعيـة ، وعلى أيّـة حـال فليس ينبغـي أن نَحْـكـم على هذه الظاهـرة بمفاهيم العصـور القديمـة المتأخرة ، لأنها كانت في أيام محمـد صلى الله عليه وسلم مقبولة قبولاً كامـلاً ، وكانت مُعتَرفـاً بهـا من وجهـة النظـر الشرعيـة ، لا بَيْنَ العـرب فحسب ، بل بين كثير مـن شعـوب المنطقـة أيضا ]
|
شروق
تعدد الزوجات يحزن الزوجة
اذا تزوج الرجل على زوجته فان ذلك يحزنها لانه ينشغل بالجديدة وينسى التي قبلها وأحياناً بل اقول غالباً انه يلقبها بالقديمة أو الكبيرة وغيرها... (حقيقة مؤلمة )
|
شروق
اين العيب
العيب في الذين يطبقون الدين بطريقة تجعل بعض النساء يلمن دينناعلى انه اعطى للرجل صلاحيات في التعدد
|