الفرار           

 المحرر : فاطمة داوود

أطلق"رافي" زفرة حارة و هو ممد على أريكة غرفة المعيشة, ونظر إلى الساعة المعلقة على الحائط فإذا بها الثانية عشر نهض في تثاقل و اتجه إلى النافذة ذات الزجاج المضاد للرصاص فأطلق زفرة أكثر حرارة فهو منذ أن تم نقلة للعمل في إحدى الشركات في رام الله و انتقل إلى هذا المنزل الجديد, بعد أن تم إخلاءه عنوة, يشعر بثقل شديد يجثم على صدره و يكاد يخنق أنفاسه حتى إنه بالكاد يستطيع التقاط أنفاسه, يشعر أن روحه تختنق, يشعر بدوار يكتنف رأسه و يكاد يخرجه عن دنيا الوعي, سقط على الأريكة هااااااااااااا الآن فقط تحرر أنه يرى نفسه يمشى في روية و يبتسم ثم يسمع صوت انفجار ويا له من ألم لقد تمزق جسده..

استيقظ رافي و هو يلهث من فرط الانفعال و التوتر, إنها ليست المرة الأولى التي يمر فيها بهذا الكابوس الذي يكاد يقضى على حياته و يحولها إلى سلسلة لا تنتهي من الآلام نظر إلى الساعة مرة أخرى فإذا بها الثانية بعد منتصف الليل يا له من ليل طويل اتجه إلى النافذة أراد فتحها ليستنشق الهواء ولكنة تذكر تحذيرات الأمن فاكتفى بالنظر إلى الشارع الممتد و هناك على ضوء إحدى أعمدة الإنارة لمح شاب فلسطيني ينظر إليه و يبتسم في سخرية كأنه يعلم ما يعانيه.


في اليوم التالي اتجه إلى عمله في تثاقل و في أثناء رجوعه لمح صورة معلقة على جدار احد المحلات الفلسطينية و على الفور عرفة, إنه هو نفس الشاب الذي لمحة أمس بجوار عمود الإنارة و لكن ما هذا مكتوب على اللوحة "شهيد ناتانيا ".

شهيد ناتانيا, أيقصدون تلك العملية الإرهابية التي نفذها شاب فلسطيني, و سقط فيها أكثر من 50 إسرائيلى من بين قتيل و جريح ؟؟؟؟؟؟ما أن دخل منزلة حتى أسرع الخطى نحو جهاز الكمبيوتر الخاص به, و عملت أصابعه في سرعة و مهارة تبحث عن أي معلومات عن عملية ناتانيا, يا الهي إنه هو إنه هو.

لم يستطع النوم كعادته هذا المساء كان ينظر إلى النافذة من حين لآخر.

في اليوم التالي في أثناء رجوعه من عمله قام رافي بزيارة طبيب نفسي شهير و قص عليه كل ما يشعر به

قام الطبيب بهدوء و كتب له مجموعة من المهدئات, صاح به "رافى" مهدئااااااااااااات أنا أموت في اليوم مائة مرة, أنا أشعر بما شعر به هذا الفلسطيني, كأنه شيطان و قام بأخذ روحي و حلت روحه مكانها وأنت تعطيني مهدئات, مزق روشتة العلاج و هو في الطريق.

يا له من ثقل يجثم على صدره و يكتم أنفاسه, أن روحه تختنق يريد أن يصرخ و لكن لسانه لا يريد أن يطاوعه يريد أن يتحرك من مكانه و لكن أعضائه تأبى, يشعر أن روحه تنساب في بطيء فها هو يرى نفسه يسير في هدوء نفس الأحداث تتكرر و ها هو ينتظر الموت و الآلام الموت مرة أخرى.

" تعلن شركة العال الإسرائيلية عن انطلاق رحلتها رقم 976 المتجهة إلى استراليا نرجو من السادة التوجه إلى الطائرة"

فتح عينية بقوة على صوت المضيفة, و اتجه في قوة إلى باب الطائرة و قد عقد العزم على الفرار إلى الأبد.

ربط حزام مقعدة و هو يزفر في قوة لينفث عنة انفعالاته و توتره, حانت منة التفاته من نافذة الطائرة فإذ به يلمح نفس الشاب الفلسطيني ينظر إليه و على شفتيه نفس الابتسامة الساخرة....

  

يا بلدي يام التراب غالى

لو خلص دمى راح أفديكى بأولادي

ده أنا منك و أنتِ منى و في زحمتك مكاني

بس الغدر جه من ولادك مش من الأعادي

بيقطعوا فيكى و دول من أصحاب المقام العالي

ياريتنى اقدر احميكى و تفضلى في برجك العاجي

لكنى مملكش غير كلمتي

وإحنا في زمن الكلام يخلى صاحبه جاني

لكن اطمنى

لو خلص دمى راح يكملوا ولادى

اةةةةةة يا بلد

يام التراب غالى

إلى كل من يبحث عن الحق

أهدى هذا العمل المتواضع


عدد الزيارات : 466

Share

مقالات ذات صلة :
  • مقدمة

  • أما آن لموتى القبور أن يستيقظوا؟!!

  • الجسد

  • العار

  • مباراة متوازنة جداااااااا

  • صدر الحكم يا سادة

  • الطير المهاجر

  • إنا لله وإنا إليه راجعون

  • يا رسول الله

  • خواطر من يوم أكتوبر

  • ترنيـمة الغربــاء

  • التجربة المخيفة _ الجزء الأول

  • التجربة المخيفة _ الجزء الثاني

  • دروب الوهم والأمل

  • شـــــذرات

  • مع كل رشفة صباحية

  • قصيدة الحب روض بابه الإخلاص

  • صاغها الفؤاد وقالها اللسان

  • رحلة إلى مدينة البالونات

  • الحب الحقيقى

  • أنـــا الفاتــنة

  • أين ذهب مذاق السكر ؟

  • عمر ذات الثالثة عشر عاما يدرس في الجامعة الأمريكية

  • قصيدة مثل أسلافهم

  • ذكرى موت القلوب

  • قصيدة إلى متى ؟؟

  • شاب عراقي يحل لغز أرقام برنولى

  • الـــــغــــراب

  • في موقف الأتوبيس

  • إرادة حديدية

  • القرش

  • تخيل

  • مستشفى 57357

  • امسك العصابة

  • ياريتنى أكون

  • الإرهابي

  • آه يا قلبي

  • هذه هي همة الصغار ... فأين منها همة الكبار؟

  • انا هى تلك الفتاة

  • ما زالوا يطرقون ابوابنا

  • مصر هتتغير بأيدينا.. تجربة رائعة لمواطنة مصرية

  • رجب و موسوعة جينيس

  • وصل صوتك مهما كانت الضغوط

  • رمضان بالمغرب

  • بأي جديد جئت يا عيد!!

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • عاطف     السلام عليكم

    لم اتوقع ابدا ان اقرأ قصة أخرى فى نفس الوقت ولكن بنفس الطريقة وباسلوبك الرائع وجدت نفسى أقرأها ولكن فجأة وجدت القصة انتهت وحزنت عليها ولكن عندما كان رافى يسير بعد خروجة من عند الطبيب النفسى وهو يريد ان يصرخ جاء فى ذهنى انة لا مفر لة ولا راحة لة ابدا الا لجوئة الى الله سبحانة وتعالى لا اعرف لماذا تخيلتة يسجد لله طلبا للهداية وان يرتاح , وفى النهاية لا اجد سوى شكر حار لكى سيدتى على انك جعلتينى اقرأ مرى اخرى بعد انقطاعى عن القراءة لفترة كبيرة , ادعيلى بقى اكمل قراية ....
  • فاطمة داود     تعليق

    ربنا يكرمك و تكمل قراية

  • الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق