الحلقة الأولى
تمنيت كثيرا أن أعيش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتخيلت حبيبي المصطفى يوجهني ويرشدني إلى الخير والرشاد في كل نواحي الحياة , ولكني توقفت في هذه الرحلة أمام كيف كان يتداوى رسول الله؟! .......
وإذا لم نستطع أن نعيش مع رسول الله بأجسادنا !....فلنحيا معه بقلوبنا وأسماعنا وأبصارنا وأفعالنا........
من هنا أدعوكم كي نتعرف على كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتداوى؟
وكل ذلك يندرج تحت الطب النبوي سواء كان ذلك من خلال آيات قرآنية.. أو أحاديث نبوية شريفة ... ويتضمن أيضا وصفات داوى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ممن سأله الشفاء... أو أنه دعا إلى التداوي بها ... كما يتضمن توصيات تتعلق بصحة الإنسان في أحوال حياته من مأكل ومشرب ومسكن ومنكح ... وتشمل تشريعات تتصل بأمور التداوي وأدب الطب من منظور الشريعة الإسلامية .
وبداية نريد أن نؤكد على حث رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على الأخذ بالأسباب في التداوي من الأمراض, فقد قال صلى الله عليه وسلم
" تداووا عبـاد الله " :
حديث صحيح رواه الأربعة .فعن أسامة بن شريك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" تداووا يا عباد الله ، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، إلا داء واحدا ، الهرم "
وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء "
وروى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله تعالى "
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" ما خلق الله من داء إلا وجعل له شفاء،علمه من علمه،وجهله من جهله ، إلا السام "
والسام الموت رواه ابن ماجه
وفي هذه الأحاديث حث على المداواة . وأن الأدوية ما هي إلا وسائل جعلها الله طريقا للشفاء . وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " علمه من علمه ، وجهله من جهله " حث للأطباء المسلمين على البحث والاستقصاء لاكتشاف أدوية لأمراض لم يعرف لها بعد دواء. وقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم الشفاء بموافقة الدواء للداء ، فلكل دواء مقدار معين يعمل به ، وينبغي ألا يزيد ولا ينقص . فتعاليم الإسلام كلها تدفع إلى المحافظة على الصحة والارتقاء بها في كافة المجالات ليعيش الإنسان حياة سعيدة طيبة في الدنيا والآخرة .
وإذا كان الإسلام قد أوجب المحافظة على الضرورات الخمس وهي :
الدين والنفس والعرض والمال والعقل ، فإن ثلاثا من هذه الضرورات تتصل بوجوب المحافظة على صحة البدن ، ألا وهي النفس والعرض والعقل . والطب يحفظ البدن ويدفع عنه المرض .
يقول الإمام الشافعي : " صنعتان لا غنى للناس عنهما : العلماء لأديانهم والأطباء لأبدانهم " . ويقول أيضا : " لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب " .
وقد تداوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتداوى آل بيته الكرام ، وزوجاته الطاهرات ، وأصحابه المبجلين رضوان الله عليهم أجمعين . ونصح أمته بكثير من أنواع العلاج الذي كان معهودا في زمنه والذي ثبتت فوائده على مر الأيام .
فكان من هديه صلى الله عليه وسلم فعل التداوي في نفسه ، والأمر به لمن أصابه مرض من أهله وأصحابه ، و لم يكن من هديه ولا هدي أصحابه استعمال هذه الأدوية المركبة التي تسمى أقرباذين ولكن يمكن اللجوء إليها إذا ظهرت حاجة إليها فإذا لم يوجد بديل غيرها وجب استعمالها ولكن بحذر.
وقد اتفق الأطباء على أنه متى أمكن التداوي بالغذاء لا يعدل عنه إلى الدواء.
ولا ينبغي للطبيب أن يولع بسقي الأدوية ، فإن الدواء إذا لم يجد في البدن داء يحلله ، أو وجد داء لا يوافقه ، أو وجد ما يوافقه فزادت كميته عليه ، أو كيفيته فسوف يؤثر ذلك سلبيا على صحة المريض.
وبجانب الأدوية الطبية يجب أن يلجأ الطبيب إلى بعض الأدوية الأخرى التي لا غنى عنها للطبيب وللمريض معا حتى يحدث الشفاء بإذن الله وهي....
الأدوية القلبية ، والروحانية مثل قوة القلب ، واعتماده على الله ، والتوكل عليه ، والالتجاء إليه ، والانطراح والانكسار بين يديه ، والتذلل له ، والصدقة ، والدعاء ، والتوبة ، والاستغفار ، والإحسان إلى الخلق ، وإغاثة الملهوف ، والتفريج عن المكروب ، فإن هذه الأدوية قد جربتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها ، فوجدوا لها من التأثير في الشفاء ما لا يصل إليه علم أعلم الأطباء.
ومن قانون الحكمة الإلهية أن القلب متى اتصل برب العالمين ، وخالق الداء والدواء ، ومدبر الطبيعة ومصرفها على ما يشاء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه المعرض عنه ، وقد علم أن الأرواح متى قويت ، وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره
فقد أنكر الكثير أمر التداوي ؟!!!
فهناك من كان يقول أن الأمراض هي قدر الله على الإنسان ومن ثم فلا يجب الاعتراض عليها ونترك أمر التداوي إلى الله وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى ، فقال : هذه الأدوية والرقى والتقى هي من قدر الله أيضا ، فما خرج شئ عن قدره ، بل يرد قدره بقدره ، وهذا الرد من قدره ، فلا سبيل إلى الخروج عن قدره بوجه ما ، وهذا كرد قدر الجوع بالأكل ، والعطش بالشرب والحر بالجلوس في الظل ، ، وكرد قدر العدو بالجهاد وكل من قدر الله.
وقد روي في أثر إسرائيلي : أن إبراهيم الخليل قال : يا رب ممن الداء؟ قال : مني . قال : فممن الدواء ؟ قال : مني. قال : فما بال الطبيب ؟ . قال : رجل أرسل الدواء على يديه .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " لكل داء دواء" ، تقوية لنفس المريض والطبيب ، وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عليه ، فإن المريض إذا استشعرت نفسه أن لدائه دواء يزيله ، تعلق قلبه بروح الرجاء ، ، وانفتح له باب الرجاء ، ومتى قويت نفسه انبعثت حرارته الغريزية ، وكان ذلك سببها لقوة الأرواح النفسانية والطبيعية ، ومتى قويت هذه الأرواح ، قويت القوى التي هي حاملة لها ، فقهرت المرض ودفعته .
وكذلك الطبيب إذا علم أن لهذا الداء دواء أمكنه طلبه والتفتيش عليه.
ومن هنا يجب أن نضع في اعتبارنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالتداوي والأخذ بالأسباب والذهاب للمتخصصين والبعد عن الدجالين.
الرحلة مازلت مستمرة في بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتابعونا!!