إني في بيت رسول الله _ علاج عرق النسا           

 المحرر : هاله محمد

 

عرق النساء :

عرق النسا : يسمى العصب الوركي " sciatic nerve "، وهو العصب الأكبر في الجسم ، يبدأ من الفقرة الرابعة من الفقرات القطنية حتى أسفل القدم بسبب بروز الغضروف بين الفقرة الرابعة والخامسة من الفقرات القطنية وضغطه على العصب الوركي .

 ومن هنا يُشيرُ ألم النّساُ إلى الألمِ الحاصل في منطقة الفقرة الرابعة من الفقرات القطنية مرورِا بالورك الى عجزِ الفخذِ , الى تحت الركبة, وألى أسفل جانبي السّاق وجانبِ القدمِ.

وهو وجع يبتدئ من مفصل الورك ، وينزل من خلف على الفخذ ، وربما على الكعب ، وكلما طالت مدته ، زاد نزوله ، وتهزل معه الرجل والفخذ ، وهذا الحديث فيه معنى لغوي ، ومعنى طبي . فأما المعنى اللغوي ، فدليل على جواز تسمية هذا المرض بعرق النسا خلافاً لمن منع هذه التسمية ، وقال : النسا هو العرق نفسه ، فيكون من باب إضافة الشئ إلى نفسه ، وهو ممتنع وجواب هذا القائل من وجهين . أحدهما : أن العرق أعم من النسا ، فهو من باب إضافة العام إلى الخاص .

الثاني : أن النسا : هو المرض الحال بالعرق ، والإضافة فيه من باب إضافة الشئ إلى محله وموضعه . قيل : وسمي بذلك لأن ألمه ينسي ما سواه ، وهذا العرق ممتد من مفصل الورك ، وينتهي إلى آخر القدم وراء الكعب من الجانب الوحشي فيما بين عظم الساق والوتر .

وأما المعنى الطبي : فقد تقدم أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم نوعان :

أحدهما : عام بحسب الأزمان ، والأماكن ، والأشخاص ، والأحوال .

 والثاني : خاص بحسب هذه الأمور أو بضعها ، وهذا من هذا القسم ، فإن هذا خطاب للعرب ، وأهل الحجاز ، ومن جاورهم ، ولا سيما أعراب البوادي ، فإن هذا العلاج من أنفع العلاج لهم ، فإن هذا المرض يحدث من يبس ، وقد يحدث من مادة غليظة لزجة ، فعلاجها بالإسهال والألية فيها الخاصيتان : الإنضاج ، والتليين ،

ففيها الإنضاج ، والإخراج . وهذا المرض يحتاج علاجه إلى هذين الأمرين ،

وفي تعيين الشاة الأعرابية لقلة فضولها ، وصغر مقدارها ، ولطف جوهرها ، وخاصية مرعاها لأنها ترعى أعشاب البر الحارة ، كالشيح ، والقيصوم ، ونحوهما ، وهذه النباتات إذا تغذى بها الحيوان ، صار في لحمه من طبعها بعد أن يلطفها تغذيه بها ، ويكسبها مزاجاً ألطف منها ، ولا سيما الألية ، وظهور فعل هذه النباتات في اللبن أقوى منه في اللحم ، ولكن الخاصية التي في الألية من الإنضاج والتليين لا توجد في اللبن ، وهذا كما تقدم أن أدوية غالب الأمم والبوادي هي الأدوية المفردة ، وعليه أطباء الهند .

وأما الروم واليونان ، فيعتنون بالمركبة ، وهم متفقون كلهم على أن من مهارة الطبيب أن يداوي بالغذاء ، فإن عجز فبالمفرد ، فإن عجز ، فبما كان أقل تركيباً .

علاج يبس الطبع ، واحتياجه إلى ما يمشيه ويلينه

روى الترمذي في جامعه وابن ماجه في سننه من حديث أسماء بنت عميس ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بماذا كنت تستمشين ؟ قالت : بالشبرم ، قال : حار جار ، قالت : ثم استمشيت بالسنا ، فقال : لو كان شئ يشفي من الموت لكان السنا " .

وفي سنن ابن ماجه عن إبراهيم بن أبي عبلة ، قال : سمعت عبد الله بن أم حرام ، وكان قد صلى مع رسول الله صلى الله وسلم القبلتين يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " عليكم بالسنا والسنوت ، فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام ، قيل : يا رسول الله ! وما السام ؟ قال : الموت " .

 قوله : بماذا كنت تستمشين ؟ أي : تلينين الطبع حتى يمشي ولا يصير بمنزلة الواقف ، فيؤذي باحتباس النجو ، ولهذا سمي الدواء المسهل مشياً على وزن فعيل . وقيل : لأن المسهول يكثر المشي والإختلاف للحاجة وقد روي : بماذا تستشفين ؟ فقالت : بالشبرم ، وهو من جملة الأدوية اليتوعية ، وهو قشر عرق شجرة ، وهو حار يابس في الدرجة الرابعة ، وأجوده المائل إلى الحمرة ، الخفيف الرقيق الذي يشبه الجلد الملفوف ، وبالجملة فهو من الأدوية التي أوصى الأطباء بترك استعمالها لخطرها ، وفرط إسهالها .

وقوله صلى الله عليه وسلم : حار جار ويروى : حار يار ، قال أبو عبيد : وأكثر كلامهم بالياء . قلت : وفيه قولان ، أحدهما : أن الحار الجار بالجيم : الشديد الإسهال ، فوصفه بالحرارة ، وشدة الإسهال وكذلك هو ، قاله أبو حنيفة الدينوري .

والثاني - وهو الصواب - أن هذا من الإتباع الذي يقصد به تأكيد الأول ، ويكون بين التأكيد اللفظي والمعنوي ، ولهذا يراعون فيه إتباعه في أكثر حروفه ، كقولهم : حسن بسن ، أي : كامل الحسن ، وقولهم : حسن قسن بالقاف ، ومنه شيطان ليطان ، وحار جار ، مع أن في الجار معنى آخر ، وهو الذي يجر الشئ الذي يصيبه من شدة حرارته وجذبه له ، كأنه ينزعه ويسلخه . ويار : إما لغة في جار ، كقولهم : صهري وصهريج ، والصهاري والصهاريج ، وإما إتباع مستقل .

 وأما السنا ، ففيه لغتان : المد والقصر ، وهو نبت حجازي أفضله المكي ، وهو دواء شريف مأمون الغائلة ، قريب من الإعتدال ، حار يابس فى الدرجة الأولى ، يسهل الصفراء والسوداء ، ويقوي جرم القلب ، وهذه فضيلة شريفة فيه ، وخاصيته النفع من الوسواس السوداوي ،

ومن الشقاق العارض في البدن ، ويفتح العضل وينفع من انتشار الشعر ، ومن القمل والصداع العتيق ، والجرب ، والبثور ، والحكة ، والصرع ، وشرب مائه مطبوخاً أصلح من شربه مدقوقاً ، ومقدار الشربة منه ثلاثة دراهم ، ومن مائه خمسة دراهم ، وإن طبخ معه شئ من زهر البنفسج والزبيب الأحمر المنزوع العجم ، كان أصلح .

قال الرازي : السناء والشاهترج يسهلان الأخلاط المحترقة ، وينفعان من الجرب والحكة ، والشربة من كل واحد منهما من أربعة دراهم إلى سبعة دراهم .

 وأما السنوت ففيه ثمانية أقوال ،

أحدها : أنه العسل .

والثاني : أنه رب عكة السمن يخرج خططاً سوداء على السمن ، حكاهما عمرو بن بكر السكسكي .

الثالث : أنه حب يشبه الكمون وليس به ، قاله ابن الأعرابي .

الرابع : أنه الكمون الكرماني .

الخامس : أنه الرازيانج . حكاهما أبو حنيفة الدينوري عن بعض الأعراب .

السادس : أنه الشبت .

السابع : أنه التمر حكاهما أبو بكر بن السنى الحافظ .

الثامن : أنه العسل الذي يكون في زقاق السمن ، حكاه عبد اللطيف البغدادي . قال بعض الأطباء : وهذا أجدر بالمعنى ، وأقرب إلى الصواب ، أي : يخلط السناء مدقوقاً بالعسل المخالط للسمن ، ثم يلعق فيكون أصلح من استعماله مفرداً لما في العسل والسمن من إصلاح السنا ، وإعانته له على الإسهال .

وقد روى الترمذي وغيره من حديث ابن عباس يرفعه : " إن خير ما تداويتم به السعوط واللدود والحجامة والمشي " والمشي : هو الذي يمشي الطبع ويلينه ويسهل خروج الخارج .


عدد الزيارات : 206

Share

مقالات ذات صلة :
  • إني في بيت رسول الله _ مقدمة

  • إني في بيت رسول الله _ وصايا المصطفى

  • إني في بيت رسول الله _ علاج استطلاق البطن

  • إني في بيت رسول الله _ داء الاستسقاء وعلاجه

  • إني في بيت رسول الله _ علاج الصرع

  • إني في بيت رسول الله _ العلاج بشرب العسل، والحجامة، والكي

  • إني في بيت رسول الله _ علاج حكة الجسم وما يولد القمل

  • إني في بيت رسول الله _ علاج ذات الجنب

  • إني في بيت رسول الله _ عدم إجبار المريض على تناول ما يكرهه من الطعام

  • إني في بيت رسول الله _ علاج الرمد

  • إني في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم _ الحمية

  • إني في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم _ علاج الصداع والشقيقة

  • إني في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم _ علاج الخدران الكلي ، والتعامل مع الذباب إذا وقع في الطعام

  • إني في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم _ علاج البثرة

  • علاج المرضى بتطييب نفوسهم وعلاج الأبدان بما اعتادته من الأدوية والأغذية

  • فوائد طعام التلبينة

  • علاج السحر

  • علاج السم

  • المزيد.......
    التعليقات :



    الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق