شجر الليمون           

 المحرر : نوران رضوان

 

سلمى زيدان (أم ناصر) أرملة فلسطينية تعيش وحدها في بيت تحيط به أشجار الليمون، ورثت تلك الأشجار عن والدها حيث تقع على الخط الأخضر الذى يفصل بين إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، و كانت سلمى تهتم بتلك الأشجار لمدة عقود كثيرة.

 

و فى يوم من الأيام سكن  وزير الدفاع الاسرائيلي فى منزل قريب من منزلها في الجهة المقابلة لها  لكنه قرر اقتلاع أشجار الليمون لأنها – وكما يرى -  تشكل خطرا عليه.

وتلجأ أم ناصر إلى محام شاب درس الحقوق في روسيا ليرفع قضية أمام المحكمة العسكرية بهدف إيقاف هذا العدوان على شجر ليمونها  حيث أن الليمون لا يمثل خطرا على أحد ولا ينتهك أي قانون وتؤكد للمحامي أن "الشجر مثل البشر" لا بد من رعايته والإحساس به وأن أرضها "أحسن أرض في البلد.. لا بل في البلاد... لا بل في العالم."

وعلى الجانب الأخر من الحدود كانت ميرا نافون زوجة الوزير ضائقة الصدر بحياتها الجافة الأقرب إلى العزلة وتتعاطف مع الأرملة الفلسطينية.. وبالرغم من أن ظروف  هاتين السيدتين مختلفة الا أن حياتهما تشابهت  إلى حد كبير فرغم البذخ البادي في منزل الوزير والفقر الواضح في بيت الفلسطينية فإن ميرا كانت تعاني من الوحدة بعد سفر ابنتهاإالى أمريكا للدراسة ، كما لا تسمع الثانية الا عواء الذئاب في الليل بعد سفر ابنها ناصر لدراسة الكمبيوتر
فى أمريكا أيضا.

 

وذات يوم تقرر زوجة الوزير الهرب من الرقابة الصارمة المفروضة وتعبر السلك الفاصل لتذهب الى أم ناصر حينها تفاجأ بالحارس الإسرائيلي يمنعها أن تدخل البيت الفلسطيني... وبالفعل ينجح في منعها خصوصا وان حدود وأسوار تفصل بينهما  لكن هذه الحدود وإن منعت من التواصل المباشر بينهما إلا أنها لم تستطع منع قيام علاقة صامتة بين ام ناصر وميرا ... كانت كل منهما تفهم أزمة الأخرى ، وإن ظل "التعاطف الإسرائيلي" قاصرا على الجانب النفسي فقط لأنه  لم يؤثر على سلوك الوزير.الذي أصر على اقتلاع الأشجار البرئية.

لكن ممارسته هذه لم تزد أم ناصر إلا تمسكا بأرضها  حيث كانت تردد باستمرار  "شجراتي حقيقية وحياتي حقيقية وأنتم تبنون جدارا حولي... حياتي صارت جحيما"

 

ولا يقتصر الأمر على هذه الكلمات بل يتجاوزه إلى الفعل الإيجابي حين تخاطر وتتسلق الجدار لتسقي الشجر المحاصر  الذي أصابه الجفاف بسبب إهمال "المعتدين" له.

أم ناصر كانت ترفع قضيتها أمام إحدى المحاكم الإسرائيلية وبالرغم من ذلك كانت تثق أن هذه المحكمة ولو أنها اسرائيلية سوف تنصفها لأن قضيتها عادلة ويتحمس لها محامي اسمه زياد داود الذي يعجب بها ويساعد قضيتها في رحلة طويلة من المحكمة العسكرية إلى محكمة العدل العليا ويستميلها عاطفيا ثم يتخلى عنها حين تفاجأ في إحدى الصحف بصورة زفافه على
بنت وزير فلسطينى كانت زميلته فى روسيا.

 

وتخسر أم ناصر القضية والرجل ولكنها لا تبالي بل تصر على عدالة قضيتها. لكنها تظل قوية وصامدة وفي النهاية تطمئن عجوزا فلسطينيا يبدو كأنه أبوها الروحي و تقول له " لا تخافوا على ، أنا لازال قوية "

 

لم تكن تلك القصة السابقة إلا حبكة درامية لفيلم "شجر الليمون" (2007) وهو إنتاج إسرائيلي ألماني فرنسي مشترك" للمخرج الإسرائيلي عيران ريكليس و من تأليف الكاتبة الفلسطينية الفرنسية سهى عراف والفيلم من بطولة هيام عباس في دور سلمى زيدان، أما دور الوزير الإسرائيلي فلعبه دورون تابوري ولعب علي سليمان دور المحامي زياد داوود ولعبت رونا ليفاز ميخائيل دور ميرا نافون زوجة الوزير. كما شارك في الفيلم الفنانان الفلسطينيان طارق قبطي ولنا زريق.

 

وقد فاز فيلم "شجر الليمون"  بجائزة الجمهور بقسم البانوراما. حيث طُلب من المشاهدين الذين يحضرون مهرجان برلين الإدلاء بأصواتهم حول الأفلام التي عرضت بقسم البانوراما والتي وصلت إلى 52 فيلما روائيا. وأدلى أكثر من 20 ألف شخص بأصواتهم.

و أخيرا إن كان لى حق التعليق على الفيلم فأنا أرى أن الصراع على أشجار الليمون يعبر عن الصراع بين الفلسطينيين و الإسرائيليين. فشجر الليمون يمثل الحياة اليومية كما هي حقيقة في فلسطين حيث الأبرياء العرب وجدوا أنفسهم في وسط الصراع بدون ذنب. أما الحرية والديمقراطية التي تقدمها إسرائيل للعرب في الشرق الأوسط  هى يوم واحد فقط في المحكمة. و لم يكن بعد الأبناء عن أمهاتم فى الفيلم إلا مثالا حيا لما يحدث فى فلسطين لفقد الأم ابنها و بنتها. أما العلاقة الصامتة التى تقام بين المرأتين  الفلسطينية و الإسرائيلية تجلب الأمل  للآلاف من الفلسطينيين والإسرائيليين للسعي إلى سلام حقيقي ودائم.

 

المصادر

·        http://www.daralhayat.com/culture/movie/04-2008/Item-20080417-5cc55e8b-c0a8-10ed-01e2-5c733358da92/story.html

·        http://www.dw-world.de/dw/article/0,,3131489,00.html

·        http://www.ahram.org.eg/Archive/2008/2/20/ARTS6.HTM

 

 

 


عدد الزيارات : 397

Share

مقالات ذات صلة :
  • حوار أبكاني

  • قصة كفاح

  • رسالة إلى الشعب الفلسطيني

  • نكـبة فلسـطـين وصمـة في جـبين الإنسانيـة

  • أغيثوا أقصانا..... هنا مسرى الرسول و مشى المسيح وأمه البتول

  • رسالة من فتاة فلسطينية

  • هل ستشرق الشمس؟

  • الخطة الصهيونية للشرق الأوسط ....واجبنا أن ننتبه لهم

  • جواد بلا فارس

  • رسمة أقوى من ألف كلمة

  • مرحبا باراك أوباما ... وداعا مايكل جاكسون

  • رسالة عزاء إلى أسرة الدكتورة مروة الشربيني يرحمها الله

  • خطاب مفتوح إلى الخارجية المصرية

  • سر مدينة أورشليم

  • فلافل ( طعمية ) حمص شام.. أكلاتنا وليس لإسرائيل منها نصيب

  • لا أمان لهم

  • إلـــــــــــــــــــــــــى مـــــــــــــتــــــــــــــــى؟!

  • جولة في الحرم الإبراهيمي

  • الأساطير المؤسسة للسياسات الإسرائيلية

  • كنيس خرابهم

  • خوفنا يحاصر غزة

  • أياد تعمل بليل و القدس تضيع

  • لماذا تطاولوا علينا؟

  • مشاهد تراجيدية ذات مدلولات خطيرة

  • صرخة في الأرض العربية... الظلم مرتعه وخيم

  • يوم فاصل في تاريخ مصر.. 25 يناير 2011

  • يوميات ما بعد الثورة

  • يوميات ما بعد الثورة2_كريم ...صرخة غضب

  • كيف نفهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

  • رسالة من الثوار العرب للصهاينة

  • ثورة أم صحوة؟؟

  • وعادت مصر للمصريين

  • الاتحاد قوة الضعاف

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • حورية القدس     تسلم اديكي

    والله تعليقكك صحيح ميه بالميه و أخيرا إن كان لى حق التعليق على الفيلم فأنا أرى أن الصراع على أشجار الليمون يعبر عن الصراع بين الفلسطينيين و الإسرائيليين. فشجر الليمون يمثل الحياة اليومية كما هي حقيقة في فلسطين حيث الأبرياء العرب وجدوا أنفسهم في وسط الصراع بدون ذنب. أما الحرية والديمقراطية التي تقدمها إسرائيل للعرب في الشرق الأوسط هى يوم واحد فقط في المحكمة. و لم يكن بعد الأبناء عن أمهاتم فى الفيلم إلا مثالا حيا لما يحدث فى فلسطين لفقد الأم ابنها و بنتها. أما العلاقة الصامتة التى تقام بين المرأتين الفلسطينية و الإسرائيلية تجلب الأمل للآلاف من الفلسطينيين والإسرائيليين للسعي إلى سلام حقيقي ودائم. وبحب اشكرك ع التعليق وشكرا

  • الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق