كان يوجد بمدرستي الابتدائية قسم داخلى للصم و البكم . وبطبيعة الحال كان لهم مواعيد غير مواعيدنا حرصا من الإدارة على ألا نتقابل أبدا,,, ولكن في بعض الأحيان كان يحدث لقاءات بيننا أثناء الذهاب إلى دورات المياه ، وكانت الشكاوي تتكرر من مضايقة (الخرس) لنا.
ومن هنا ترسخت فى ذهنى فكرة واحدة وهى الابتعاد التام عنهم حتى لا أتعرض للضرب ,, وبعد انتهاء اليوم الدراسي كنت أنتظر أبى أنا وأختى الكبرى بعد انتهاء اليوم المدرسى و كانت أختى تقضى هذه الفترة مع زميلاتها و كنت أنا أجلس وحيدة منتظرة ... أنظر إليها هى و زميلاتها طبعا ممنوع اقتراب الصغار مثلي.
وذات يوم رأيت فتاة فى مثل سنى تقريبا تجلس هى الأخرى منتظرة أحد والديها....اقتربت منها و ابتسمت لها فابتسمت بدورها ,, سألتها عن اسمها فلم تجب وأشارت بيدها أنها لا تتحدث ,,,, حاولت فى هذا اليوم أن أخبرها باسمى لكن دون جدوى على الاطلاق.
وهنا وجدت أختى تنقض علينا مثل الحداية التى تنقض على الكتكوت و تنتزعنى انتزاعا من أمام هذة الفتاة . وعندما صرخت فيها قالت : إنها خرساء وربما تؤذيك ,, سأخبر أبى، و عندما عدت إليها كانت قد ذهبت .
فى اليوم التالى : وجدتها منتظرة كالعادة و حرصت أشد الحرص أن أجلس مع صديقتى الخرساء فى مكان لا ترانى فيه أختى ,,,,, تجاذبنا حوار طويل من الابتسامات و الضحكات رويدا رويدا قمنا بالجرى خلف بعضنا إلى أن جاء والدها وذهبت صديقتى
فى اليوم الثالث: حرصت أيضا أن نختفى عن أنظار أختى ,,, و أخرجت من حقيبتى مجلة ميكى (مجلتى المفضلة إلى الآن) وأخذنا نشاهد الصور و نضحك لماذا؟؟ لا أدرى... ولكن كان هناك شىء يدعوننا للضحك فقد نمى بيننا شيء ما ، وجاء والدها و ذهبت هذه المرة أيضا.
وفى اليوم الرابع : انتظرتها و لم تأتى، فى اليوم الخامس: انتظرتها و لم تأتي أيضا
شعرت أن هناك شيئا غربيا في المدرسة ، وبالفعل صدق حدثي فبسبب الشكاوى المتكررة من التلاميذ فى كافة الفصول من مضايقة الخرس لهم فى كافة الأوقات
جاءت معلمتي ذات يوم مبتهجة لتخبرنا ان الإدراة قامت بنقل القسم الداخلى للصم والبكم الى فرع آخر للمدرسة بالهرم,,, وضج الفصل بالتهليل و السعادة,,, و كتمت دموع ظلت تقاوم حتى انسابت فوق وجنتى ساخنة على صديقتى التى لم أعلم حتى اسمها.