فجر جديد           

 المحرر : أيمن حافظ

  ساد الصمت طويلا ...

  فلم نعد نسمع ما الذي يجري منذ أعوام مضت ...

  لقد لمعت في الأفق النجوم ولكن ما لبثت أن أفلت ....

  مضى عهد من حملوا صدورهم كالدروع .

  واتخذوا من سيوفهم براثن يقعون بها على أعدائهم...

  فلم يعد لأمراء الأندلس شغل شاغل سوى قتال بعضهم بعضــًا

 

  لقد كانوا في انتظار من يوقظهم من ثباتهم وسكونهم .

  وقد أتاهم من بين صحراء أفريقية ليعبر البحر ..

  وليس معه سوى شباب قد بلغ أشده وعقل قد بلغ رشده وإرادة قد بلغت من   الحدة والحزم والحذق الشديد

  فنزل بساحل الأندلس , فأتاه القوم من كل أرجائها تبايعه

  فحلق ذلك الصقر بعيدا ..

  فقد علا في الأفق اسم جديد

  كان ذلك صقر بني أمية ... صقر قريش... عبد الرحمن بن معاوية

 

  أنشأ دولته بين فكي العباسيين و الفرنسيين ومع ذلك كانت دولته مهداً لحضارة المسلمين في الأندلس ... فلما استتب لعبد الرحمن الأمر في الأندلس راح يبني المسجد الجامع والقصر بقرطبة 

 

 

  لقبه العباسيون بعد ان انتصر عليهم بـصقر قريش وهو اللقب الذي اشتهر به  بعد ذلك ، فقد كان أبو جعفر المنصور جالسًا مع أصحابه مرةً فسألهم : أتدرون   من هو صقر قريش؟ فقالوا له : هو أنت. فقال لهم: لا.فعدّدوا له أسماء حتى   ذكروا له معاوية وعبد الملك بن مروان من بني أمية. فقال أيضا: لا. ثم أجابهم قائلا:" بل هو عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفردًا بنفسه، مؤيّدًا برأيه، مستصحبًا لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلدًا أعجميًا  فمصّر الأمصار وجنّد الأجناد، وأقام ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه" فحقق عبد الرحمن بن معاوية غايته من إعادة أمجاد أجداده

 

 

  وعلى صعيد آخر كان ببين ملك فرنسا والذي تأكد من العداوة الناشبة بين   بغداد وقرطبة قد أرسل للمنصور يستعينه على عبد الرحمن الداخل .. عدوهما  المشترك

 

  وما خفي ذلك على صقر قريش .. فكان على يقين بأنه من وراء صمت ببين  مكيدة ما , ألا وهي الوقيعة بين أمراء المسلمين . فعلى المؤمن أن يكون فطن بما يدور حوله من الأمور

 

  آثر الداخل التريث في الأمر حتى ضجر العباسيون من لقائه حتى صرخ  المنصور قائلا :

1ماهذا إلا شيطان ,   الحمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر

 

   وبعد موت ببين وُلــِّيَ من بعده ابنه شارلمان ملكــًا على فرنسا , فما لبث ذلك الأخير إلا أن اتبع خطة أبيه الذي بدأها فأخذ يحرض أمراء الأندلس من  مسلمين ومسيحيين على عبد الرحمن أمير قرطبة .

  فكان يقول لمسلميها إنما أراد أن يحررهم من استبداد عبد الرحمن الداخل

  وكان يخبر مسيحييها أنه حامي النصرانية والحافظ للكنيسة .

  وفي المقابل ثار من الأمراء  على عبد الرحمن وساروا طلبا لشارلمان .

  ولكن ما ان تكشفت لهم حقيقة منطقه حتى ثارت عليه الجبال من مسلمين  ومسيحيين فما وصل شارلمان إلى البيرانية , حتى وجد نفسه محاطا من قبل أعدائه

 

  كان عبد الرحمن في كفاح دائم لتوطيد ملكه الذي أسسه وحسن تدبيره . وكان   يضطر إلى الشدة أحيانا ليرهب عدوه , ولكنه كان حليما عاقلا محبا للعلوم والفنون

 

  لقد قذف بنفسه في لجج المهالك , لابتناء مجده فاقتحم جزيرة شاسعة ,  تتقسم  جندها المصائب لا الغنائم , فاحتال حتى أسلس له قيادة الأمر , وأسس  دولة مرهوبة الجانب , يخشاها الإفرنج ... ولا يجرؤ على مناوأتها خلفاء بغداد

  حتى أن أبو جعفر المنصور قد أعجب بشخصه ودهائه ، بالرغم مما كان بينهما من عداوة

  لقد أتى من المشرق فردا فانتزع الأندلس من غير عصابة ولا أنصار ولكن  بعزم وقوة شكيمة وإرادة لا قبل لأحد بها

 

  مات عبد الرحمن الداخل بن معاوية )صقر قريش) بعد أن أسس ملكا جديدا  فريدا لبني أمية في الأندلس

  كان عظيما .... كان جليلا ..... كان نبيلا .... حتى أن أعداءه من بني العباس قد ترحموا عليه بعد موته

 

  رحمة الله عليك يا عبد الرحمن

 


عدد الزيارات : 374

Share

مقالات ذات صلة :
  • الحضارة عربية أم إسلامية ؟؟

  • الإسلام بين العلم و التاريخ

  • عظمة الإسلام في التعامل مع الآخرين

  • محكمة سمرقند

  • (مارييت) فى بيت المقدس

  • هيلانه و لويس

  • (ميسون) امرأة تبعث أمة

  • ليلة سقوط غرناطة (أسبانيا)

  • الرسالة

  • وراء كل صورة ......حكاية

  • مقدمة عن قيام دولة الأندلس

  • مثل الملوك على الأسرة

  • رجل وجبل

  • النبوءة

  • بلاط الشهداء ... نهاية التوسع الإسلامى فى أوروبا

  • وا أندلساه

  • رد اللواء محمد زكي عكاشة على روايات أ/ هيكل ج1

  • رد اللواء محمد زكي عكاشة على روايات أ/ هيكل ج2

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • امانى عياد     رحمة الله عليك يا عبد الرحمن

    السلام عليكم انا اول مره اعرف من صقر قريش باصرار والايمان والتصميم اكيد الانسان بيوصل الى هدفه لكن الايمام دى كم فرد عارف هدفه وبيسعى لتحقيقه؟ جزاك الله كل الخير
  • اسماء طاهر     صقر قريش

    جزاكم الله خير على الافادة الوصول للصعاب يتطلب ايمان وعزيمة والقليل من يصر على الوصول للهدف

  • الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق