يا دبلة الخطوبة...عقبالنا كلنا ، الخطوبة حلم جميل يفكر فيه الشباب و الشابات. و لكن عندما يتحقق تدور تساؤلات عديدة في الرأس حول ما يجب فعله و ما لا يجب فعله و كيف نتعامل و ماذا نقول
فتعالوا نعرف أكثر عن فترة الخطوبة، و كيف يمكن الاستفادة منها بتحقيق هدفها المنشود.
ما هي فترة الخطوبة ؟
فترة الخطوبة من أهم وأخطر الفترات التي يمر بها الشباب من الجنسين، فهي مهمة لكونها فرصة للتعارف والتفاهم واكتشاف الأخلاق والطباع، لأن الخطيبين من بئئتين مختلفتين و كل منهما خضع لتجارب وأساليب تربوية مختلفة لا يعرفها الآخر، فقد تكون بعض العادات والتصرفات عند البعض غير مقبولة نهائيا، ولكنها مقبولة عند الطرف الآخر بلا أي قيود؛ و لذلك ترى أن لكل منهما أسلوبه في الحياة، بل إن هناك أيضا مرجعا فكريا وعقليا لكل منهما يتصرف من خلاله. و يتم على ضوء تلك المرحلة تحديد الاستمرار في مشروع الزواج أو العدول عنه.
و الغرض الأساسي من الخطوبة هو دراسة الطرفين لبعضهما البعض بدقة، فأساس العلاقة في هذه الرحلة يجب أن يكون البساطة والوضوح، ففترة الخطوبة هي التنبؤ الصادق بزواج موفق من عدمه، فالعيوب يتم معالجتها، أو التغاضي عن الأخطاء لتصفيتها، وبذلك فهي المقدمة لحياة صافية وجو رقراق، ومن هنا تبدأ السعادة المنشودة.
وعلى الخطيبين أن يتعلما فن التفاهم، وفنون التقارب، ويستفيدان من فترة الخطوبة، ونجاح كل ذلك في أن تكون البداية مع الله، في البحث عن العروس أو العريس وفق الأحكام والضوابط في الاختيار ما تسهل مهارات التعامل، ويجعل الحياة القادمة قائمة على أسس ومبادئ، وبعيدة عن المنغصات.
و عندما يحدد الشباب والفتيات الهدف من الخطوبة وهو التفاهم والالتزام وتكوين حياة عفيفة، بعيدة عن نداء الغرائز؛ فإنهم يستمتعون بأحلى فترات العمر، والمرور من رحلة الخطوبة بأمان؛ ليضعوا أقدامهم على أول عتبات حياة زوجية سعيدة.
أما خطورة هذه الفترة فهي تكمن في كثرة المجاملات والتصرفات المصطنعة، وغيرها من الأمور التي قد تكون غير موجودة عندهما أصلا؛ الأمر الذي يؤدي إلى بناء تصورات غير صحيحة عن الشريك. و لكن سرعان ما يتبخر كل شيء بعد فترة الزواج الأولى؛ لأن الطبع سيغلب على التطبع و عندها لا مجال للخداع.
و قبل الرد على تساؤلات المخطوبين في ما يجب فعله فعلينا أن نعرف ما هي أهداف الخطوبة:
1. التعرف على رغبة الخاطب في نكاح المرأة، وذلك عندما يطلبها من وليها
2. وضوح الرؤية للخاطب في الموافقة على تزويجه من عدم ذلك
3. تبين الخاطب عن طريق الخطوبة في أن المرأة التي تقد لخطبتها ليست مخطوبة لغيره
4. إن المدة التي بين الخطوبة وبين العقد، تمثل مرحلة تروي وتبصر للطرفين، ليطمئن كل واحد منهما ويتأكد أنه وفّق لحسن الاختيار، بحيث لو ظهر لأحدهما رغبة في العدول عن النكاح لأي سبب من الأسباب لأمكنه ذلك، إذ أن الترك قبل عقد النكاح أيسر وأسهر من حصوله بعده، فالتراجع بعد إبرام العقد صعب، بل قد يترتب عليه مشاكل ودعاوى كثيرة
5. إن نظر الخاطب إلى مخطوبته بالشروط الشرعية، لا يتأتى غالباً إلا بعد الخطوبة، ومن خلاله يتعرف على أوصاف مخطوبته الخلقية والخَلقية، وهو من أسباب دوام الحياة الزوجية كما سيأتي.
و الخطوبة تمثل النقلة من العلاقة "العامة" إلى "الخاصة" لأول مرة في حياة الإنسان لترفع فيها بعض الحواجز بالتدريج، وليتدرب الشاب والفتاة لأول مرة على فنون هذه العلاقة الخاصة فيكسر الشرع حاجز غض البصر في هذه المرحلة رغم أننا قد أمرنا به في العلاقات العامة فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "انظر إليها" كما يكسر حاجز المشاعر والعواطف فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "عسى أن يؤدم بينهما"، أي يحدث حب وود... أي أن الشرع يكسر بعض الحواجز من أجل التعارف والود..
ويقول الشيخ "سيد سابق" ليس حكم النظر مقصورا على الرجل فقط بل هو ثابت للمرأة أيضا.
ويضيف الأستاذ عبد الحليم أبو سنة: "يحسن في زماننا هذا الذي تعددت فيه الاتجاهات الفكرية أن يتجاوز التعرف رؤية المظهر إلى التعرف على الشخصية".
والآن تعالي نجيب معا على تساؤلات المخطوبين :ماذا أقول؟ ومتى؟ وهل أعبر عن نفسي؟ وإلى أي مدى يمكن أن أقوم بهذا؟
ويقول فى ذلك د. جون كوندري أستاذ تنمية القدرات الإنسانية والعلاقات الأسرية بجامعة كورنيل الأمريكية: من أجل إنجاح فترة الخطوبة وتحقيق الغرض المنشود منها، يجب على كل طرف مصارحة شريكه بعيوبه وكذلك مميزات شخصيته والصفات التي لديه استعداد لاكتسابها من أجل إسعاد شريكه. فإذا استطاع الخطيبان الاتفاق على مثل هذه العيوب يمكن التغاضي عنها أو إصلاحها وأمكن التنبؤ بزواج موفق.
ويضيف د. كوندري بأنه مما يولد الحسرة والألم بعد الزواج اكتشاف أحد الطرفين أن شريكه قد خدعه خلال فترة الخطوبة سواء من أي من النواحي المادية أو المعنوية وأن مثل هذا الشعور كفيل بتدمير السعادة الزوجية، كذلك يجب على الخطيبين أن يناقشا بصراحة ووضوح كافة ما يتعلق بأمور حياتهما المقبلة دون حرج أو حساسية أو تكلف.
و تقول بعض الفتيات إنها تشعر بارتباك و هذا أمر طبيعي تمر به أي فتاة ما زالت تحتفظ بحيائها سواء كان السبب هو الالتزام أو النشأة العائلية المحافظة... أو غير ذلك... فالحياء ليس مشكلة بل أتجاوز وأقول إنه علامة إيجابية طيبة... فعندما أراد الصحابة رضي الله عنهم أن يشبهوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، قالوا إنه كالعذراء في خدرها، آي أن "العذراء" هي من يضرب بها المثل في "الحياء".
قال الله تعالى"ولا تخضعن بالقول" وقوله "وقلن قولا معروفا". ولذلك شرع الله الخطوبة!!
نصيحة: عبر عن نفسك وعن شخصيتك وعما تحب وما تكره. ولا مانع من تبادل كلمة لطيفة أو هدية معبرة طالما تجنبت الخلوة واللمسة الحرام وفحش القول...فكل طرف يمكنه سؤال الآخر عن كيف يقضي وقته...هواياته... أهدافه... التخطيط لدنياه وآخرته... رأيه في بعض الشخصيات المهمة... علاقته بأهله وأصدقائه وبيته...ماذا يحب؟ وماذا يكره؟
الخطوبة و الزواج
يؤكد د.جون كوندرى أنه من واقع أبحاثه الميداني ودراساته، إن عدم اكتراث الشباب بأهمية فترة الخطوبة كمرحلة تستهدف التفاهم والتقارب في المقام الأول والنظر إليها على أنها أيام وردية مفعمة بالعاطفة هو السبب في فشل عدد كبير من الزيجات.. إلا أنه يحذر في نفس الوقت من أن أحكام فترة الخطوبة في معظم الأحيان تكون انفعالية بدرجة كبيرة مما يوجب ضرورة إعادة النظر فيها مرة أخرى قبل اتخاذ قرار الزواج بشرط أن لا تكون الأحكام التي يعاد النظر فيها تتعلق بالسلوك والتفكير والتصرف العام. لأن ذلك يعد أساس التعامل في كافة المواقف فيما بعد، وفي نفس الوقت يحذر من المغامرة بالزواج بدون فترة خطبة معقولة مهما كانت الأسباب.
أما الأستاذ جمال ماضي (كاتب و حاصل على دبلوم دراسات إسلامية) فيرى أن على المخطوبين استثمار فترة الخطوبة في غرس القيم النافعة لحياتهما الزوجية, وهذا الغرس لن يكون إلا بهما معًا, و أهمها هي:
أولا: التدريب والتمرين على الحوار الناجح, فمادة نجاح حياتنا الزوجية هي الحوار؛ حيث لا سعادة ولا بهجة ولا أسرة بدون حوار، من حيث أهداف الحوار الزوجي في معرفة شخصية الطرف الآخر، وتقريب المسافات، وحل المشكلات، وتجنب المشاحنات, وبالتالي لا يتحول الحوار الزوجي إلى جدال لا فائدة من ورائه, خاصة في حالات الغضب والعصبية والصراخ, وكيف نصنع ظروفًا مناسبة للحوار الناجح؟!
ثانيا: تعلم فنون التعامل الزوجي, من العبارات الإيجابية، والتصرفات المعبرة، وتخصيص وقت للاهتمام والحوار والتعبير العاطفي، والتغافل عن الأخطاء، والتجديد الدائم والتغيير؛ حيث لا مكان للروتينية أو الملل الزوجي.
ثالثا: التعرف على أسباب الخلاف الزوجي والحلول الشافية لها, بقصد الوقاية من الوقوع فيها والحذر منها, سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو من الأهل أو مادية أو جنسية أو ثقافية, وهذه ثقافة مهمة جدًا للمقبلين على الزواج.
ومن الوسائل لغرس هذه القيم من الآن في هذه الموضوعات:
1- التحدث في الثقافة والميول والصفات التي يحبها الطرف الآخر.
2- التعارف على السمات الشخصية.
3- العائلة والعلاقة بالوالدين والأسرة.
4- الدراسة وأجمل ما فيها وسلبياتها.
5- الطفولة وذكرياتها ومشاغباتها.
6- الأصدقاء ومكانتهم عنده.
7- الطرائف من المواقف الحياتية.
8- الطعام والحلويات التي يحبها.
9- الهوايات التي يحبان ممارستها.
10- الأسفار وأجمل الرحلات.
11- المستقبل بعد سنوات، وبعد أن يصبحا جَدًّا وجَدَّة.
و أخيرا...الخطوبة فترة تدريب للانتقال من "العام" إلى "الخاص"، فاستمتعا بهذه الفترة ولا تعتبرها مشكلة بل هي جزء جميل من رحلة العمر.. ولا تنسيان الدعاء والاستخارة دائما.
نوران رضوان
مصادر
موقع إسلام أون لاين
الخطوبة.. من هنا تبدأ السعادة الزوجية للدكتور حسان جعفر http://www.balagh.com
موقع إخوان أون لاين ردود على تساؤلات المخطوبين للأستاذ جمال ماضي