ليس من الضروري أن أحب الأخر أو لا أحبه ، ولكن من الضروري أن أحترمه و أحترم رأيه ، فالحوار الأمن مع الأخر يبدأ من احترام الرأي المضاد ، لنجد بيننا و بينه نقاط مشتركة تسمح لنا بالتعلم منه و تتيح لنا الفرصة لعرض أنفسنا عليه بعيدا عن التعصب و الانغلاق ، فالمسافات بين الصراع و التفاعل بعيدة جدا .
إننا إن أمعنا التفكير نجد أن التعددية و الاختلاف هما أصل الحوار و التفاعل و هما المدخل إلى تقدير الأخر و تقديره لنا ، و تعزيز مستويات التفاعل بيننا ، فالاختلاف الطبقي على سبيل المثال بين الغني و الفقير هو ما يدفع الغني للإشفاق على الفقير و العطف عليه ، و هو أيضا ما يدفع الفقير للتواصل مع الغني لحاجته إليه .
فالاختلاف منظومة كونية جعلها الله في أرضه ليجعل من معرفتنا بحقيقة اختلافنا دافعا قويا لاحترام سنة الوجود, ودافعا للتعرف على من أراه مختلفا معي ضمانا لسير الحياة فولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ، و إنما جعلنا شعوبا و قبائل لنتعارف و نتألف و نجد لغة للاتصال فيما بيننا . فمنذ أقر الرسول صلى الله عليه و سلم بالرحمة في اختلاف أئمة الأمة ، و منذ فتح الإسلام باب الاجتهاد فأثاب من أصاب بأجرين و من أخطأ بأجر ، مؤكدا بذلك تقدير منزلة العقل البشري ، و احترام الفروق الفردية في رؤية الأشياء .
و لنقتبس من هذه الفروق شعاع من النور نسير فيه إلى الأخر فيكون شمسا تضئ حياتنا المشتركة .
المصادر
سلسلة الفكر ، الحوار الثقافي مشروع التواصل و الانتماء ، د.عبد الله التطاوي / 2006 ، الهيئة العامة للكتاب / مكتبة الأسرة