يالا نتجوز............ياللا نتطلق!!           

 المحرر : محمد الأنصارى

 

نعم , الاثنتى عشرة نقطة التى توسطت عنوان المقال كافية للفصل بين الحدثين بعينين يملؤها مزيج من الذهول والغضب ....... والدموع , تابعته وهو يغلق باب بيتهما الصغير بعنف شديد كاد يتحطم على إثره الباب , وتابعت أذناها وقع أقدامه وهو متجه نحو سيارته , ومن ثم سمعت صرير إطاراتها التى كادت تصم أذنيها , وعلى الرغم من أن عينيها لاتزال معلقة بالباب , إلا أن عقلها ذهب بعيداً , هناك فى الجامعة حينما التقيا فى أحد المدرجات , ومنذ الوهلة الأولى وقعا فى " الحب "  .  شاب وسيم من أسرة ميسورة خفيف الظل يحب المرح أنيق تتهافت عليه الفتيات , هى فتاة " ستايل " جميلة رقيقة روحها منطلقة , تؤمن وتستمتع بمبدأ " الحرية " التى منحتها لها أسرتها " الكريمة " لذلك هى لا تخشى شيئاً ولا تخجل من شيئٍ .

وبسرعة تعرفا إلى بعضهما البعض , وبسرعة تعلقا ببعض أكثر فأكثر , وفجأة " يالا نتجوز " ... !

ليه لأ ؟, كل شيئ تمام وكل شيئ مدروس - على رأى عادل إمام – وكل شيئ تحت السيطرة.

أقيمت الاحتفالات الصاخبة , وكانت حقاً ليلة العمر , الكل فَرِح .... الكل يأكل ويشرب .. يلهو ويرقص .

العريس والعروس فى منتهى السعادة والنشوة .

أصبحا فى بيتهما , يا لها من سعادة لا توصف , أخيراً الحبيبان مجتمعان  .

مر يوم

مر يومين

ثلاثة

أسبوع

شهر

مبروك " المدام حامل "

سعادة غامرة , أخيراً سنصبح أبوين.

ثم .... أين الغداء ؟ " معلش يا حبيبى كنت تعبانة "

ثم ..... هل ستتركنى وتنام ؟ " معلش يا حبيبتى أصل كان عندى ضغط فى الشغل "

ثم ..... أين كنتى ظهر اليوم ؟ " معلش يا حبيبى أصل ماما اتصلت بيا , كان عندها ظروف اضطريت أروحلها "

ثم ...... أين قضيت ليلة أمس ؟ " معلش يا حبيبتى كان واحد صاحبى عمل حادثة فاضطريت أقعد معاه "

ثم ...... ثم ...... ثم.......

وبدأت تتهاوى الأقنعة , الحب حل محله الحيرة , الثقة حل محلها الشك , الإيثار حل محله حب الذات , التماس الأعذار حل محله سوء الظن.

وكما بدأت القصة بسرعة , انتهت بسرعة

"يالا نتطلق " , هكذا ببساطة شديدة .

" إليك ما تريدين .... أنت طالق "

أفاقت على صريخ رضيعها الذى تحتضنه .. نظرت إليه , بنفس العينين إلا أنه أضيف للمزيج ...... الشفقة.

قد يظن القارئ للوهلة الأولى أننى بالغت فى ذكر أسباب الطلاق.

إلا أننى أقول لكم إن ما ذكرته هو حدث واقعى , وليس من نسج الخيال.

المشكلة ليست فى تلك الأسباب " التافهة " , إنما المشكلة تكمن فى " تفاهة " هذين الزوجين – وسامحونى على استخدام هذا التعبير.

المشاكل الاجتماعية ليست من اهتماماتى , إلا أننى - وبعد أن شاهدت أربع حالات طلاق بين المتزوجين حديثاً ( أقل من سنتين ) فى محيط معارفى المباشرين أو معارف معارفى وذلك فى التسعين يوماً الماضية – وبعد هذه الإحصائية " المرعبة "  وجدت أنه يجب أن أفعل شيئاً , وإن كان مجرد مقالاً أكتبه أعبر فيه عن رأيي.

إن المشكلة تكمن فى الانتكاسة الرهيبة التى حدثت فى مفهوم الزواج , فلم يعد الزواج رباط مقدس تحكمه قوانين إلهية واجتماعية وعرفية فى جو تسوده المحبة والوفاء والمسئولية المشتركة بين طرفيه , إنما أصبح رباط الغرض منه هو الاستمتاع ثم الاستمتاع ثم الاستمتاع ..... وخلاص!

لذلك , تبدأ المشكلة عند اختيار الشريك , فكل طرف لم يعد يهمه من الطرف الآخر هل هو مستعد لتحمل أعباء الزواج وقدسيته أم لا , إنما المهم هل سأستمتع به أم لا ؟ فأصبح المعيار فى اختيار شريك الحياة هو الجمال " و أحياناً الكمال " الحسى الجسدى , سواء كان شكلاً أو مالاً أو ما إلى غير ذلك من الأمور التى تجعله أو " تجعلها " تقول للأصدقاء " شوفتو جوزى ؟ , عندكو زيوه " , نعم , أصبح المهم أن الأصدقاء يرون أننى الأفضل , فياله من نصر مبين !

والمحزن فى الموضوع أن من تلك الحالات الأربع هناك من هم " فرضاً " ملتزمون !

ولكن – وعلى رأى واحد صاحبى – " شيخ تايوانى ! "

يحفظ قول الله تعالى " فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن " , ولكنه يعمل " فاضربوهن واضربوهن واضربوهن " , مع أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام , ما ضرب بيمينه قط إلا فى سبيل الله !

يضع نصب عينيه " فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " وينسى – أو يتناسى-  " ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف " و " عاشروهن بالمعروف " و "استوصوا بالنساء خيراً ".

لا أريد الإطالة عليكم والخوض فى تفاصيل أكثر ,ولكنى أناشد كل زوج وكل زوجة وأقول.. الأسرة هى " وحدة بناء " المجتمع , فكل ما نراه من فساد فى مجتمعنا الإسلامى هو إنعكاس لما يحدث فى الأسرة , فاتقوا الله أولاً فى أنفسكم ثم فى أبنائكم ثم فى مجتمعاتكم , اتقوا الله فى دينكم , وكونوا على قدر المسئولية , فقد منّ الله عليكم بنعمة عظيمة , فاحفظوها واشكروه عليها , وتعلموا من نبينا صلى الله عليه وسلم , اقرءوا كيف كان يعامل نساءه -  بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم , انظروا إلى حبه لعائشة رضى الله عنها وإخلاصه لخديجة رضى الله .

من يقرأ مقالى هذا لا يخلو من أن يكون واحداً من أربعة , إما متزوجاً سعيداً , وإما متزوجاً غير ذلك , وإما مقبلاً على الزواج وقد اختار شريك حياته وإما لم يقبل على الزواج إما لعدم تيسر الظروف وإما لفقدانه الأمل !

أما المتزوج السعيد فأقول له , هنيئاً لك جنة الدنيا ,نعم والله , هى جنة الدنيا.

وأما المتزوج غير السعيد فأقول له , إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , ابدأ بنفسك وأعد النظر فى حياتك فكل شيئ قابل للإصلاح , ولكن عليك أن تجد الطريق الصحيح.

أما الذى اختار شريك حياته فأرجو الله أن يكون وُفِّق فى اختياره وإلا فعليه ن يعيد النظر فى هذا الشريك أو لا يلومن إلا نفسه.

أما من لا يزال يملك الخيار فاستعن بالله , واسأله أن يوفقك للشريك الذى يعينك على طاعته والذى يتق الله فيك.

وأذكِّر الجميع بحديثى النبى صلى الله عليه وسلم " اظفر بذات الدين تربت يداك " , و" إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " , فهذا هو المقياس , فالدّيّن إن رضى أكرم وإن لم يرض لم يظلم.

وأخيراً " احذروا التايوانى "


عدد الزيارات : 500

Share

مقالات ذات صلة :
  • من المسئول عن تلك الصورة؟

  • الإعلام والحرب النفسية

  • الصحافة الإلكترونية هل هي بديل للصحافة الورقية أم منافس لها ؟؟

  • الانترنت ما له و ما عليه

  • القـــــدوة

  • واقع الشباب و مشكلاته

  • الاحتباس الحراري والكوارث الناجمة عنه

  • إنها حقا .. تقاليع شباب !!

  • صراع الأجيال

  • يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وتَكْتُمُونَ الحَقَّ وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

  • هل تحب مصر؟؟؟

  • نافووووووووخى يا عالم

  • وداعا يا حمرة الخجل

  • الفتاة العريبة في الواقع الصعب

  • حاجة تكسف

  • معقوووووول .. ما حدث بخصوص مشروع مستشفيات التكامل الطبي!!!

  • بــليــــــــة

  • أبلة أنا عايز أطلع !!!!!!

  • العادة القاتلة في ليلة العمر

  • حبي لبلدي أكبر من ماتش كورة

  • هل هؤلاء هم عرب مصر وعرب الجزائر ؟؟؟

  • علينا ألا ننسى أننا أخوة

  • يا ما في الجراب يا حاوي

  • أنا بنوتة حلوة وروشة واستايل ... ممكن أتعرف؟؟

  • فاكرين كريم؟؟؟؟؟؟؟

  • أين الطريق؟

  • هل تقبل / ين الارتباط بإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة؟؟

  • التقليد الأعمى

  • احــــــــــــذر!!! الخطر قادم

  • مقال بلا عنوان

  • مسابقات النصب تقدم .. "إنت معانا كسبان كسبان"

  • إن بعض الظن إثم

  • التطفل بين الآفة والثقافة

  • هل فكرت في صورة جيلك عام 2100 ؟

  • أيهما تختار الباطن .......أم الظاهر؟

  • الله يرحم أيام زمان

  • مبادئ ثابتة في أوقات متغيرة

  • حاجة تخنق

  • هل تقبل أن ترأسك امرأة في العمل؟

  • يا دنيا يا غرامي يا جنة الحرامي

  • همّ البنات اتجننوا ليه ؟؟؟؟؟

  • هي طويلة و هو قصير

  • لعبة الموت .. لاعبون وأدوار

  • تعليم الكتروني.. فأين مكان التربية الالكترونية؟!!

  • غرور أم كبرياء؟؟؟

  • أعطني معنى الحرية

  • أنا بنت زى كل البنات

  • قسوة الفراق

  • إن كان التحضر بهذه الصورة .. فأهلا بالتخلف

  • رحلة عبر الفيس بوك

  • هل من الممكن أن تحضر عرس حبيبك أو حبيبتك؟

  • الأخ بيقتل أخوه

  • رسالة عاجلة إلى شباب مصر لحل الأزمة

  • هل نحن مؤهلون لديمقراطية 2011 ؟

  • مصر بعد الثورة

  • الشعب يريد تطهير البلاد ....رسالة من منشور الحب

  • عالم مجنون مجنون

  • على الشاطئ الآخر

  • أي دور يلعبه المثقف العربي في مجتمعه؟

  • الحق في الحياة هو حلم وطار؟؟

  • الكلمة تقتل أحيانا كما تقتل الرصاصة

  • رجال للبيع

  • من الشعب اليابانى

  • المزيد.......
    التعليقات :


  • ريمة     علينا التدقيق في الاختيار

    لازم لازم قبل ما نرتبط نختار كويس .. لازم نفهم الهدف من الزواج .. وازاي نقدر نمشي بيت واسرة ويكون كلا الطرفين اد المسئولية لان الحكاية مش لعبة
  • نوران     بين آدم و حواء

    فعلا لقد كثرت حالات الطلاق مؤخرا...و اعتقد ان ذلك نتيجة لعدم الاتفاق فى فترة الخطوبة على اساسيات الحياة و الاهتمام بالمظاهر...و من الغريب ان لا يعرف كل طرف اهداف و هتمامات الطرف الآخر الا بعد الزواج.
  • أسماء     لقد أسمعت

    لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي هذا حالنا كل الناس والحياة هنا هي الدين إذا ماالتزمنا بديننا (فعليا)وليس كلاما ولا مظهرا ستكون النجاة طبعا الأمثلة كثيرة كما قلت أخي محمد وبتكون فعلا لناس مش بس مشايخ لا وكمان وعاظ في مساجد تخيل بقي لو أحدهم تشاجر مع زوجته ثم ذهب ليقول خطبة عن حسن معاملة الزوجة سبحان الله ونفس الكلام للنساء الإلتزام مش شكل والإسلام مش كلام الإسلام أسلوب حياة معاملات ياليتنا نعلم قبل أن نقول ليتنا نرد ولا نعمل جزاك الله خيرا أخي كاتب المقال
  • محمد صابر الأنصارى     انت عايز تتجوز ليه ؟

    أولاً أشكر مروركم أخواتى ريمة ونوران وأسماء وأناأعتقد إن ببساطة ممكن كلا الطرفين يقدر يعرف " فكر الطرف الآخر " بسؤاله - انت عايز تتجوز/ى ليه؟ وأكيد من الرد يقدر يقيم هل الطرف الآخر يدرك معنى الحياة الزوجية , وللا عايز يتجوز عشان ..... كدة وخلاص .
  • yousef     ما كان لله دام و اتصل

    جزاكم الله خيرا على الموضوع و اقول لكل الشباب بل و للجميع شاب او متزوج ما كان لله دام و اتصل و ما كان لغير الله انقطع و انفصل .... اولا تحديد الهدف هل لاقامة الدين و العفة و اقامة حدود الله و انجاب زرية صالحة للمجتمع و يقيمو شعائر الله و يعمرو الارض ام تزوجت فقط لارضي شهوتي و نزواتي و الاستمتاع فقط ... هل انا استطيع تحمل المسئولية الان؟؟؟؟ هل ساحترم وعد الله و الميثاق الغليظ للمحافظة عليها " و اخذنا منهم ميثاقا غليظا" ...لابد من الاجابة على هذه الاسئلة ...

  • الاسم
    البريد الالكتروني
    العنوان 
    التعليق