لا أدرى لماذا تراودنى تلك الطرفة من حين الى آخر..لأجدها تسير على لسانى فأجد الابتسامة قد سبقتنى الى شفتىَّ.
قرأتها ذات مرة منذ مايزيد عن الثمان سنوات إلا أنها لازالت تداعب فِكرى.
يُروى أن رجلاً رأى صاحبه يسير فى أحد الطرقات وهو يأكل أمام المارَّة,فاستوقفه مستنكرًا كيف يجرؤ أن يأكل فى الطريق أمام الناس,فذلك ليس من الأدب "على حد قوله"..فأجاب صاحبه أتخجل أن تأكل أمام بقر!! ردد الرجل فى دهشه: " بقر"!! ..فأجاب صاحبه :"نعم بقر".
وانطلق حتى وصل إلى جمع من الناس مناديًا: "يا أيها الناس..بلغنى أن من وصل لسانه أرنبة أنفه دخل الجنة" فتسارع الناس فى لهفة كل منهم يمد لسانه ,يتسابقون من منهم سيصل الى الجنة أولاً, ويصل بلسانه الى أنفه..فنظر صاحبه إليه مبتسما : "ألم أقل لك.. إنهم بقر"
من العجيب أن هذا الفِعل أصبح هو نمط سلوكنا فى هذه الأيام,كل منّا له دور فى هذا المشهد المسرحى.اما أن يكون أغلبنا وللأسف يلعب دور(البقر) الذى من السهل خداعه والاستهزاء بعقله, فهو يتمتع بقدر كبير من العفوية قد تصل أحيانا الى الغباء, فيُسَهِّل على من يلعب دور(صاحبه) أن يصل الى غايته فيجعل منهم أضحوكة,فيصبح من فِعله المُنافى للذوق والأدب أمر بديهى ,فهو لايحترم تلك العقول الساذجة فاستباح كرامتهم وسيستمر فى الاستهزاء بهم كلما أُتيحت له الفرصة لذلك...ومن الغباء ان تعتقد انك تستطيع الوصول الى مرادك بأسهل الطرق,لا تتكلف عناء التأدب بخلق,أو تحرم نفسك من شهوة لديها,ولم لا ,والناس عندك أصبحوا بقر.
وهؤلاء الماسكين مازالوا حالمين,يحلم كل منهم بالجنة التى سيصلها بطول لسانه.
أصبح كل منّا يبحث عن الجنة والراحة والنعيم بدون تعب أو مشقة أو تعلُّم ودائما أقصر الطرق هى التى نسلكها,بغض النظر عن الهدف الذى ينتظرنا فى نهاية الطريق ,فهذا الهدف لا يحدد أى الطرق سنسلك,فقد قررنا مسبقا أننا سنسلك أقصر الطرق أيٍّا كان نهايته.
من العجيب أنّى لا أشعر بالشفقة تجاه هؤلاء ال...عندما استهزأ بهم صاحبنا فى هذه القصة.
ومن العجيب أيضا أنه عندما يتكرر هذا الموقف أمام عينى يوميا فى الطريق أقف لأبتسم متذكرة تلك القصة وأجدنى أردد "ألم أقل لك.. إنهم ..."
لم تعد الشفقة هى الشعور الوحيد الذى يجب أن أمتلكه نحو ذلك الصنف من البشر الذين رضوا بالمهانه والذل مقابل أن يمنحوا عقولهم قسطا ً من الراحة, ولكنه قسطا أبديَّا ,لا يفيق منه إلا من أدركته رحمة ربى..بل أشعر كثيرًا بالغضب.. والغضب الشديد,فأسارع بالبحث عن شعور آخر يهون عليًّا هذا الغضب فأبدأ فى التماس الأعذار لهم ,وأحمل نفسى قدرًا من المسئولية على هذا الحال,فمن الواجب على من أدرك الفرق بين صاحبنا والبقر أن يعمل على وضع حدًا لهذه المسرحية,ويأخذ بيدهم من هذه الغيبوبة الطويلة الى نور الحياة وحلاوة التعب من أجل الهدف الأسمى الذى اخترناه لنا.
لا أنكر أن خيبة الأمل تصيبنى فى بعض الأحيان عندما أجد مقاومة عنيفة من هؤلاء الناس تجاه الافاقة من غفلتهم ,بل واتهامك بأنك (مُعقَّد) وأنك تُحمِّل الأمور أكثر من طاقتها,وتلك الجملة الشهيرة التى أسمعها يوميًّا (يا أخى سيبها على الله) وكأنك انت البعيد عن طريق الله فانت لاتتوكل..( أعنى تتواكل)..على الله. وتذهب نفسى الى أن أترك من أراد أن يصير كال... كما أراد,هذا اختياره وهذا شأنه الذى لايجب أن يعنينى.
فأترنَّح بين أملى فى تغيير الواقع ,وبين غضب ويأس وشعور بالضعف..وكم أتمنى أن يعلو الأمل لدينا جميعا كى نجعل من عالمنا واقع أفضل نحيا فيه جميعا.
هذا ما أملكه من نفسى..وانت!! ماذا تملك؟؟
أمنية عزمى
من مجلة يلا بينا
http://www.yallabeena.net/site/default.htm
|
نوران
جزاكى الله خيرا
أصبح كل منّا يبحث عن الجنة والراحة والنعيم بدون تعب أو مشقة أو تعلُّم ودائما أقصر الطرق هى التى نسلكها,بغض النظر عن الهدف الذى ينتظرنا فى نهاية الطريق ... عند فعلا حق يا أستاذة امنية بقينا فعلا بندور على الجنة بأسهل الطرق و مش عايزين نتعب عشان نحسن من وضعنا.
|