بعد الثورة التونسية و المصرية، خرج الآلاف في الأردن واليمن مطالبين بالإصلاح السياسي. كما تزايدت الدعوات في المغرب والجزائر وسوريا و الكويت إلى تنظيم مظاهرات احتجاجية مماثلة تطالب بالحرية و الديمقراطية. و لم تكن المطالبة بالديمقراطية في الأمة العربية على لسان شعوبها فقط بل أيضا من قادة العالم.
فقد قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن تحول مصر إلى الديمقراطية ونحو انتخابات حرة ونزيهة يجب أن يبدأ الآن". بينما ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن مظاهرات "الغضب" المصرية نجحت في تحويل دفة تركيز إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما نحو ملفي الديمقراطية وحقوق الإنسان اللذين أغفلهما خلال عاميه الأولين في السلطة. كما أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو، عن أمله في أن تنشئ الثورة الشعبية المصرية دولة ديمقراطية حقيقية، تعيش في سلام مع جيرانها من الدول. و دعا وزير الخارجية الألماني جيدو فيستر فيله إلى مزيد من الديمقراطية في مصر. وقالت وزيرة خارجية فرنسا، ميشيل إليو ماري : ''فرنسا تقف بجانب الديمقراطية دائماً، كواحدة من مبادئها الأساسية".
و نتقف هنا لسؤال يطرح نفسه الآن على الساحة
هل نحن مؤهلون لممارسة الديمقراطية ؟ هل نستطيع أن نتخيل ماذا سيحل بنا لو أتيحت لنا ممارسة الديمقراطية ممارسة فعلية لا شكلية !!
و ذلك يجعلنا أن نقف وقفة و نتساءل ما هي الديمقراطية التي يطالب بها شعوب العالم ؟
أصل كلمة "ديمقراطية" لاتينية و تنطق" ديموكراسي", مشتق من اللغة اليونانية و كلمة "كراسي" تعنى " القوة" أو "الحكم". أما "ديمو" و تعنى الشعب, و كانت هذه الكلمة تستعمل قديما للإشارة إلى" الناس الفقيرة". وهكذا ظهرت الديمقراطية في صورتها الأولى: "حكم الشعب".
كانت الديمقراطية في بداية عهدها ديمقراطية مباشرة, " ديركت ديموكراسى" لأن الممارسة كانت تستلزم تجمع الشعب في مكان عام و عند طرح اقتراح يمس حياة الشعب, يتم التصويت برفع قبضة اليد في السماء , ويتم العد لصالح أو ضد الفكرة المطروحة. ولما زاد عدد الناس, و كذلك تعددت أماكن سكنهم, و تباعدت, أصبح من المستحيل الاستمرار في جمع السكان في مكان واحد للتصويت على القرارات, و هنا ابتكر بعض الفلاسفة فكرة اختيار سكان المحليات لبعض منهم ليكونوا مندوبين عنهم, ليصوتوا لصالحهم في العاصمة, على أن يتحمل السكان مصاريف انتقالهم و إقامتهم هناك. وكانت هذه هي بداية "الديمقراطية الغير مباشرة", وهى أيضا ما نسميه" الديمقراطية البرلمانية" أو "الديمقراطية النيابية".
و للإجابة على السؤال الذي طرحناه سابقا و هو هل نحن مؤهلون لممارسة الديمقراطية فدعونا نعلم بعض الآراء في هذا الموضوع:
فتحت عنوان "الحقيقية الوحشية عن تونس" يكتب روبرت فيسك كاتب بريطاني في صحيفة "الإندبندنت"، معلقاً على الأحداث ويقول رغم الدموع ونزيف الدماء، إلا أنه لا يوجد ديمقراطية، مؤكداً أن هذا الاضطراب الدموي لا يعنى بالضرورة تحولاً نحو الديمقراطية.
" الديمقراطية لا توجد بمجرد إصدار دستور وقيام برلمان ... الديمقراطية لا يحددها الدستور ولا يحددها البرلمان بل توجد بالقضاء على الإقطاع والقضاء على الاحتكار والقضاء على سيطرة رأس المال " جمال عبد الناصر
وكما قال المهاتما غاندي "إن عدم التسامح في حد ذاته يمثل صورة من صور العنف وعقبة أمام نمو الروح الديمقراطية الحقة"
أعلن الفنان محمد صبحي خلال مداخلة تليفونية بالتليفزيون المصري أن ثورة 25 يناير كانت من أجل التغيير، فمن لم يكن يتكلم ويعبر عن رأيه الآن، يستطيع التعبير عن رأيه، ولكن الخوف أن يسيئوا الاختيار، وأن يأتي لنا بديكتاتور يحكمنا، ولا يعرف شيئاً عن الديمقراطية، فالديمقراطية وعى وليست جمعا للآراء.
و أخيرا أحب أن أضيف إلى كل ما قيل أن نجاح أي نظام ديمقراطي يتوقف على مدى إدراك الناس لحقوقهم.
و الآن أيها المواطن العربي ما رأيك أنت في الديمقراطية؟ و هل تستطيع الأمة العربية ممارسة الديمقراطية ممارسة فعلية؟ و هل الديمقراطية هي فقط حكم الأغلبية بصرف النظر عن هذه الأغلبية ؟