الإسلام دين الجماعة وليس دين الفرد والآيات القرآنية تؤكد هذا المعنى حيث قال تعالى "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَة وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ "،: )الأنبياء : 92)، كما ذكر النبى ما يؤكد هذا الكلام فقال صلى الله عليه وسلم
" مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"
هناك مبدأ إسلامى عظيم هو مبدأ التكافل الذى يعنى أن يكون الأفراد في كفالة جماعتهم ينصر بعضهم بعضًا، وأن تكون كل القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية في المحافظة على مصالح الأفراد ودفع الأضرار عنهم، ثم المحافظة على البناء الاجتماعي وإقامته على أسس سليمة.
قال رسول الله ³ ): المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا) رواه مسلم.
والتكافل لا يقتصر على النواحى المادية فقط بل يمتد لما هو أكبر من ذلك فله أنواع عدة منها :
**التكافل الأدبي: وهو أن يشعر الإنسان باحترام الآخرين له وحبه لهم، والتعاون معهم في جميع المجالات، وقد دعا النبي إلى هذا في أحاديث كثيرة منها قوله" مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" رواه أحمد والبخاري ومسلم واللفظ لمسلم. وقال أيضا: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري ومسلم.
**التكافل الدفاعي: وهو مسؤولية الأفراد عن مستقبل أمتهم ووطنهم،كما يجب على كل فرد في المجتمع الإسلامي، أن يساهم في الدفاع عن بلاده ضدا لأعداء، قال تعالى: ﴿انفروا خفافًا وثقالا﴾ التوبة: 41.
وقرر الفقهاء أن العدو إذا استطاع أن يأسر مسلمًا في أقصى الشرق، فعلى المسلمين جميعًا أن يهبوا للدفاع عن هذا الأسير لتخليصه من الأسر.
**التكافل الجنائي: ويتمثل في أن الإسلام أوجب الدِّية في القتل الخطأ على العشيرة، والأصل أن تَبِعة جناية الشخص تقع على نفسه، لكن القاتل هنا في حالة القتل الخطأ لا يُسأل، لأن سوء النية وقصد القتل لم يتوفرا. ولايمكن أن يُهدر دم المقتول في جميع الظروف، فكانت المصلحة أن تشترك عشيرة القاتل في دفع الدية عنه تكافلاً وتضامنًا.
**التكافل الأخلاقي: وهو مسؤولية المجتمع الإسلامي بجميع أفراده عما يصدر من هؤلاء الأفراد من تصرفات تسيء إلى المجتمع وقيمه ومقدساته، ولذا أوجب الإسلام على الجميع أن يكونوا حراسًا على المجتمع، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، قال رسول الله ³: ( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.
وقال: ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا) رواه البخاري والترمذي.
**التكافل الاقتصادي: وهو أن يشعر الأفراد بواجبهم نحو أفراد مجتمعهم، فلا يقْدِمون على التصرفات التي قد تلحق الضرر بالناس كالغش في المعاملات، والتطفيف في الكيل، واحتكار الأقوات الضرورية التي يحتاج إليها الناس، واستغلال حاجة المحتاجين لإجبارهم على التعامل بالربا، وغير ذلك من التصرفات التي حرَّمها الإسلام، لأنها تُلحق أضرارًا كبيرة بالناس. كما يوجب هذا النوع من التكافل أن تتدخل الدولة عند الحاجة فتمنع كل تصرف يلحق الضرر بالناس، كما يجب عليها التدخل في الأسواق عند الحاجة لتحديد الأسعار.
**التكافل المعيشي والمادي: ويتمثل في الحقوق التي فرضتها الشريعة الإسلامية للفقراء والمحتاجين في أموال الأغنياء، ويشمل هذا الجانب: الزكاة والنذور والأضحية والكفارات والصدقات، كما يتحقق هذا الجانب بما هو مشروع على سبيل التطوع كالوقف والهبة
ولكن ما حكم التكافل فى الإسلام؟؟
يُستنبط من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التى حثت على التكافل أن التكافل الاقتصادى بين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها ضرورة شرعية ، ومن لم يقم بتحقيقه عملياً فهو آثم ويسأل يوم القيامة أمام الله سبحانه وتعالى ، ولقد طبقت أحكام التكافل الاقتصادى فى صدر الدولة الإسلامية وتحقيق الخير للمسلمين جميعاً ، والنموذج العملى لذلك عندما نادى عمر بن الخطاب عمرو بن العاص فى مصر وقال : واغوثاه ، فأجابه عمرو بن العاص بقافلة من الطعام والشراب أولها الفسطاط وآخرها المدينة المنورة.
ومن فوائد التكافل أنه يحقق التنمية الاقتصادية والحياة الكريمة للناس ويحفظ مقاصد الشريعة الإسلامية ، والتكافل الاقتصادي من أهم أساليب التكافل الاجتماعى ولا يمكن فصلهما عن بعض ، ويعتبر التكافل الاقتصادى بالمفهوم الإسلامى أحد أساسيات تحقيق التعاون والتكامل الاقتصادى بين أقطار الأمة الإسلامية ، ومرحلة أساسية من مراحل السوق الإسلامية المشتركة التى هى أمل الأمة ، وتحرير اقتصادياتها من التبعية لأعدائها ، ومن أهم أسلحة مواجهة هيمنة العولمة والجات والمنقذ لثروات المسلمين وحتى يتحقق المبدأ القائل : يجب أن تكون خيرات المسلمين للمسلمين.
ولعلنا نتساءل هل التكافل مجرد هبات مجانية..أو موائد رمضانية..أو حفنات قمح أو أكياس سكر فحسب؟! فحين نذكر "التكافل" تخطر ببالنا كلمات الإحسان والصدقة والبر، وعلى الأكثر كلمة الزكاة، ومدلولات هذه الكلمات قد تدخل في عناصر التكافل، ولكنها هي بذاتها لا تدل على حقيقته، لأن حقيقته أوسع منها جميعًا، فهذه المدلولات هي بعض وسائل ذلك النظام، لكنها ليست ماهيته.
لقد عُنى الإسلام بالتكافل ليكون نظامًا لتربية روح الفرد وضميره وشخصيته وسلوكه الاجتماعي، وأن يكون نظامًا لتكوين الأسرة وتنظيمها وتكافلها، وأن يكون نظامًا للعلاقات الاجتماعية، بما في ذلك العلاقات التي تربط الفرد بالدولة، وأن يكون في النهاية نظامًا للمعاملات المالية، والعلاقات الاقتصادية التي تسود المجتمع الإسلامي. وهكذا نرى أن مدلولات البر والإحسان والصدقة -وحتى الزكاة- تتضاءل أمام هذا المدلول الشامل للتكافل، ولذلك يجب أن يعلم المتصدق حين يعطي أنه لا يتفضل على المحتاج إنما هو يقدم قرضًا لله، والمحتاج الذي أخذ إنما كان واسطة لمن أعطى لينال أجره من الله.
ولا ننسى أن نشير إلى التكافل النفسي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبّر عنه بالإجمال فقال: " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفسّ الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".
وقد بلغ من تكافل النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يتفقد صحابته الذين لا يراهم، ويسأل عن مشاكلهم، وأمثلة ذلك في السنة كثيرة، أختار منها ما ورد في قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه، وفي آخرها أنه جاءت النبي صلى الله عليه وسلم من بعض المغازي مثل بيضة الدجاجة من ذهب، فتذكر سلمان، وأنه بقي عليه مال ليُعتق نفسه، فقال: ما فعل الفارسي المكاتَب؟ فأرسل إليه واستدعاه،
فلما جاء قال له: " خذ هذه. فأدّ بها ما عليك يا سلمان"، قال سلمان: ( فأوفيتهم حقهم وعُتقت فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لم يفتني معه مشهد)، وكم يكتسب الداعية قلوب المدعوين حين يرون أنه يفكر بهم، ويسعى في أمرهم، ويهيئ الخير لهم!!.
ومن التكافل الشعوري ( والذي نحتاج الى تفعليه كثيرا في أيامنا هذه): تفقد حال الأخ، والاطمئنان على ظروفه، وتطييب خاطره فقد ورد أن ثابت بن قيس بن الشماس لما نزلت الآية: ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) قال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبط عملي وأنا من أهل النار، وجلس في أهله حزينا، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له: تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالك؟ ...وأخبروه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا بل هو من أهل الجنة"، و هكذا يشعر كل فرد بقيمته وكل مدعو بمنزلته في نفس مربية.
ومن أسمى الأخلاق: أن يُقابَل التكافل بعفة نفس المحتاج كما فعل عبد الرحمن بن عوف؛ حين رفض تقاسم المال والزوجتين مع الأنصاري، وقال له: ( بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟) وطلب أن يدله على السوق ليعمل بيديه، ويعتمد على نفسه، بل كانت ظاهرة عامة بعد خيبر، لما استغنى المهاجرون؛ إذ ردوا إلى الأنصار ما كانوا أكرموهم به.
وفى النهاية إن مجتمعاً يشيع فيه التكافل لهو المجتمع المتماسك الذي يستطيع أن يجاهد في سبيل الله صفا، كأنه بنيان مرصوص، بينما تجد مجتمع الأنانية والبخل متصدعا من الداخل، تأكله العداوات والأحقاد قبل حرب الأعداء، فأي المجتمعين نختار لأنفسنا؟ وبأي الأخلاق نتحّلى.........؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
|
salma
bon leçon
merci il est beou texte
|