كنت أتحدث الى احدى زميلاتى والتى التحقت معى بمعهد إعداد الدعاة عن السبب الذى دفعها للتقديم بالمعهد فقالت لى أنه نوع من التغيير ليس إلا فبدلا من العيش على نفس الوتيرة المعهودة بحثت عن شئ يجدد لى شكل حياتى ، فى هذه اللحظة تذكرت أنه ليس كل من عمل عملا صالحا يثاب عليه فكم من نية جعلت أعمالنا هباء منثورا .
تفكرت كثيرا فى هذا الموضوع بعد حديثى مع زميلتى وأصبحت أردد كم من عادة تحولت لعبادة وكم من عمل عظيم لايؤجر عليه صاحبه بسبب النية والنية محلها القلب لا يطلع عليها الا مقلب القلوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن العبد ليعمل أعمالا حسنة فتصعد الملائكة في صحف مختمة فتلقى بين يدي الله تعالى فيقول: ألقوا هذه الصحيفة فإنه لم يرد بما فيها وجهي)) فبالنية تتميز العبادات عن العادات، وتتميز العبادات عن بعضها، فالصيام لابد له من نية تميزه عن الانقطاع عن الطعام لأي سبب آخر من مرض أو غيره، والصلاة لابد من نية تتميز بها الفرائض عن النوافل، وفي الصدقة لابد من النية لتتميز الزكاة عن النذر عن الكفارة وهكذا.
ولأن النية أمر عظيم وهي روح الأعمال ، وبها صلاح الأعمال ، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم .
وقد قسمت النية الى نوعين: -
* نية مفروضة ، ولا تصح العبادة إلا بها ، كالنية في الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج ، وهذه النية لا يكاد يغفل عنها أحد ، فإذا توضأ الإنسان ليصلي أو ليمس المصحف أو ليكون طاهرا ، فقد أتى بالنية . فقصد الصلاة ، أو قصد رفع الحدث ، هذا هو النية في الوضوء .
وإذا قام المرء للصلاة ، وهو يعلم أنها صلاة الظهر مثلا ، فقصدَ أن يصليها وأقبل عليها ، فقد أتى بالنية ، ولا يجب – بل ولا يشرع – أن يقول بلسانه نويت أن أصلي صلاة الظهر حاضرة ... إلخ ، كما يفعله بعض الناس ، فإن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل النية محلها القلب .
وهكذا إذا عزم الإنسان من الليل على أنه سيصوم غدا ، فقد نوى الصوم ، بل تناوله طعام السحور ، يدل على قصده الصوم وإرادته له .
**والنوع الثاني : نية مستحبة ، لتحصيل الأجر والثواب ، وهذه التي يغفل عنها بعض الناس ، وهي استحضار النية في المباحات ، لتكون طاعاتٍ وقربات ، كأن يأكل ويشرب وينام بنية التقوي على الطاعة ، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ ) رواه البخاري (56).
وقال معاذ رضي الله عنه : (أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) رواه البخاري (4088).
فكان رضي الله عنه يحتسب الأجر في النوم ، كما يحتسبه في قيام الليل ، لأنه أراد بالنوم التقوّي على العبادة والطاعة .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " ومعناه أنه يطلب الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب ؛ لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصلت الثواب "
والذي يعين على استحضار هذه النية : التأني والتدبر وعدم العجلة ، فيفكر الإنسان فيما يأتي ويذر ، ويحاسب نفسه قبل العمل ، فينظر هل هو حلال أو حرام ، ثم ينظر في نيته : ماذا أراد بذلك ؟ فكلما حاسب نفسه ، وعودها النظر قبل العمل ، كلما كان ذلك أدعى لتذكره أمر النية ، حتى يصير ذلك ملكةً له ، وعادة يعتادها ، فلا يخرج ولا يدخل ، ولا يأكل ولا يشرب ، ولا يعطي ولا يمنع ، إلا وله نية في ذلك ، وبهذا تتحول عامة أوقاته إلى أوقات عبادة وقربة .
فاللهم ارزقنا النية الصالحة التى تصلح أعمالنا وتجعلها خالصة لوجه الله تعالى حتى لايخالطها رياء حتى ترضى عنا يا كريم
المصادر :
موقع الاسلام سؤال وجواب