أصيب وأخطئ ،أجرب وأتعلم ، أفكر وأقرأ واناقش ،فهكذا الحياة ولكل إنسان الحرية فى اتخاذ موقف تجاه قضية ما ولا يحق لأحد مصادرة هذا الحق أو الإعتداء عليه فقد يكون معقولا أن تعادى شخصا أو جماعة لتعديهم على حقوقك أو مصالحك ولكن أن تعادي شخصاً لأن له رأياً يخالف رأيك في قضية علمية أو دينية أو سياسية، فذلك موقف لا يسوّغه لك الشرع ولا العقل.
ففى شريعتنا الإسلامية قال الله تعالى فى كتابه العزيز " لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى" فلم يجبرنا الله على التدين بدين ولا الاعتقاد بشئ ولكنه أعطانا العقل الذى نميز به وترك لنا حرية الإختيار وإذا كان هذا منهاج الله مع خلقه فكيف بخلقه أن يخالفوا سنن الله الكونية.
ولم يسمح الله تعالى حتى لأنبيائه أن يصادروا من الإنسان حرية رأيه واختياره، فهم يعرضون رسالة الله على الناس، دون فرض أو إكراه {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}.
حينما تعتقد أحقية رأي معين، وتجد آخرين يخالفون هذا الرأي الحق -في نظرك- فإن عليك قبل أن تتهمهم بالعناد والجحود وأن تتخذ منهم موقفاً عدائياً، عليك أن تتفهم ظروفهم وخلفية مواقفهم،فلعل لديهم أدلة مقنعة على ما يذهبون إليه أو لعلهم يجهلون الرأي الحق، لقصور في مداركهم ومعلوماتهم أو لعلهم يعيشون ضمن بيئة وأجواء تحجب عنهم الحقائق أو لعلّ هناك شبهات تشوّش على أذهانهم وأفكارهم.
وتجاه مثل هذه الاحتمالات فإن المطلوب منك هو دراسة موقف الطرف الآخر، ومعرفة وجهة نظره، والدخول في حوار موضوعي معه، ومساعدته على الوصول إلى الحقيقة.
وأيا كانت النتيجة لابد أن نحترم آراء الآخرين ويكون لدينا ثقافة الإختلاف مع الآخر فربما كان رأيه هو الأصوب ولابد أن أضع فى ذهنى ما قاله الإمام الشافعي كما نقل عنه: إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب .
وإذا كنا ندرك حد اليقين أن آراءنا هى الصحيحة وأردنا اقناع الآخر بها وجب علينا تعلم فن وثقافة الإختلاف التى تجعل من الآخر يعيد النظر فى وجهة نظره والتفكير فيما نقوله أو نطرحه وربما اقتنع بما نقول أما أسلوب المصادرة فقد يجعل الآخر يتمسك برأيه من باب العناد ويصر مستكبرا على اتباع الرأى المخالف لا لشئ إلا لأننا لم نستطع احترام آراء الآخرين .
علينا جميعا ألا نصدر أحكاما إعدامية على الرؤى المختلفة ، والآراء المبتكرة بل نربي أنفسنا - ومن حولنا – على ثقافة الاختلاف فيما بيننا وهكذا – وبهذه الروح ، وبهذا الفكر تهرب السلبية والتبعية من حياتنا و تظلل الإيجابية مجتمعاتنا ، إيجابية يستفيد منها ويسعد بها المجتمع بأسره وعندها نستطيع أن نصدر أحكامنا على أي من الأمور التي تهم مجتمعاتنا بكل شجاعة وإقدام وبعدها نستطيع أن ندلي بآرائنا , وتصوراتنا, واجتهاداتنا لنغير أو نعدل ، لنبدع أو نطور كل جديد يفيد مجتمعاتنا في ظل ثوابتنا العظيمة و في ظل ثقافة الاختلاف0
المصادر :مقال للشيخ حسن الصفار