خاطبت امرأة في ذات يوم عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- عندما كان خارجاً من المسجد وكان معه الجارود العبدي، فسلم عليها عمر فردت عليه، وقالت:
" هيا يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت".
فقال الجارود: قد أكثرت على أمير المؤمنين أيتها المرأة
فقال عمر: "دعها أما تعرفها! هذه خولة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات فعمر أحق والله أن يسمع لها".
و لكن هل تعلم أنت من هى خولة بنت ثعلبة ؟ و ما قصتها ؟
كانت خولة امرأة فقيرة عاشت مع زوجها حياة يسيرة، فكانت له نعم الزوجة، وكان زوجها أوس بن الصامت يعمل ويكد للحصول على الرزق، وبعد أن تقدّم فيه العمر وأصبح شيخاً كبيراً، ساءت خُلقه، وفي يوم من الأيام اختلفت معه في أمر من الأمور، فغضب وثار وقال لها: أنت عليّ كظهر أمي (أي بمثابة أمه).
فقالت: والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغه، ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه،وبذلك القسم،يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة، وتشتت الحب والرضا الذين كانا ينعمان بهما..
خرجت خولة من عند زوجها و هى حزينة وتوجهت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه و شكت إليه ما تلقى من سوء خلقه . فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه.
قائلة: يا رسول الله، زوجي أكل شبابي، حتى إذا كبرت سنّي، ورقّ عظمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا، وان أبقيتهم معي جاعوا. ظاهر مني.. اللهم إني أشكو إليك ما نزل بي...
وما كادت تفرغ من دعائها حتى نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ...
ولمّا سري عنه قال: يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآناً.. ثم قرأ :
( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ *الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ *وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) سورة المجادلة
فقال لها رسول الله : "مريه فليعتق رقبة"
فقالت : "ما عنده ما يعتق"
قال: "فليصم شهرين متتابعين"
قالت : "والله إنه لشيخ كبير، ما به من صيام"
قال : "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر"
قالت : "والله يا رسول الله، ما ذاك عنده"
فقال رسول الله : " فإنا سنعينه بعرق من تمر"
قالت : "وأنا سأعينه بعرق آخر"
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا"
ونخرج من قصة تلك الصحابية بعدة فوائد، منها:
أولاً: رأيها السديد في الامتناع عن معاشرة زوجها بعد أن قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي؛ وضرورة معرفة حكم الدين في هذه القضية.
ثانيًا: رأيها السديد في الحرص على مستقبل وتماسك أسرتها.
ثالثًا: رأيها السديد في رفع الأمر إلى النبي والذي بيده الأمر، ولولا رجاحة عقل خولة، وحكمة تصرفها، وقوة رأيها لقعدت في بيتها تجتر الهموم حتى تهلك هي وأسرتها، ولما كانت سببًا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل المسلمين والمسلمات. وهذا التشريع العظيم هو: حل مشكلة الظهار.
استقبل النساء من انهزم من سرعان الناس يضربنهم بالخشب والحجارة، وجعلت خولة بنت ثعلبة تقول: يا هاربًا عن نسوة تقيات.. فعن قليل ما ترى سبيات.. ولا حصيات ولا رضيات.
|
fadwa
اللهم اكثر من امثالها
شكرا لكي اخت نوران علي المقال اللذي فية افادة عظمي لبنات المسلمين وياليت نجد من امثالهالكثيرات الان
|
Asmaa
جزاكم الله خيرا
موضوع رائع نوران شكرا لك
|